لازلت حتى وقت قريب جدا أرى أن هيئة الاتصالات حريصة كل الحرص على مصلحة المواطنين خاصة بعد اعتماد التنافسية في قطاع الاتصالات، ولعل وجود أكثر من مشغل في المملكة دليل ذلك التنافس الذي بفضل من الله جنبنا سوق الاحتكار، و ناهيك ما الاحتكار. لكن القرار الذي اتخذته الهيئة مؤخرا من عدم إقرارها التجوال الدولي ، وإصرارها على عدم الموافقة عليه، لا أظن أنه يخدم مبدأ التنافسية بأي حال من الأحوال، بل لعله يرسخ من جديد أسلوب الاحتكار، الذي كان يجب أن لا نعود إليه ونحن نستشرف عهد جديد، سواء في قطاع التقنية أو الاقتصاد الوطني بشكل عام. ولا أعتقد أن هيئة الاتصالات يمكن أن تقنع أي عميل مستفيد من التجوال الدولي بأن قرارها لصالحهن بل تؤكد أن التسرع شاب اتخاذ القرار، فلا معني لتصعيب المهام أمام عملاء الاتصالات، ولا فائدة أمام تعقيد التجوال، وإذا كنا نحارب من قريب أو بعيد ما يسمى بقراصنة الاتصالات الدولي عبر الانترنيت أو ما وراء البحار، فكيف لهيئة الاتصالات أن تغلق الباب أمام الشيء المشروع وتحاول التأكيد على أنها تحارب الاتصالات غير المشروعة. نحن كمستفيدين من التجوال الدولي لا يهمنا بكل صراحة مسميات المشغل الذي يقدم خدمة التجوال الدولي، لكن بلا شك يهمنا الأفضل، وكنا نحسب أن الهيئة هي التي تبادر بطرح فكرة التجوال الدولي على الشركات المشغلة للتجوال الدولي. وإذا كان عملاء الاتصالات يفضلون الاحتفاظ بالأرقام السعودية في التنقلات الخارجية، فان مبدأ التجوال الدولي يوفر تلك الخاصية، ويجعل ترابط المواطن ببلده الأم كبير إلى حد الالتصاق، مما يسهل على الأسر محدودة الدخل وسيلة التواصل مع أبناءها في الخارج الذين أجبرتهم ظروف المعيشة أو الدراسة على السفر خارج المملكة، كما يوفر كثير من الوقت لرجال الأعمال الذين اعتادوا التنقلات في بلدان العالم لعقدا لصفقات التجارية، مما يعود بالنفع العام والخاص على أبناء المملكة. ولعل التشدد في اتخاذ القرار لا يخدم المصلحة العامة، بالقدر الذي يجعل المملكة تعود إلى نقطة متأخرة في تقنية الاتصالات، فدعونا يا هيئة الاتصالات ندخل القرن الجديد بمحاربة القرصنة، وليس بشن حرب على تجوال يخدم الصالح العام، ولا يضر البلاد من قريب أو بعيد علي خلف الشرهان - جدة