تستقبل المرأة يوم 8 أيار من كل عام بشيء من الحبور والسعادة، فهو يوم المرأة العالمي الذي نالته بعد جهد جهيد وعمل متواصل قدمت من خلاله الكثير من التضحيات والخسائر والأرواح أيضاً.. قبل عدة أيام تابعت فيلما أمريكيا يحكي قصة صمود المرأة الأمريكية في وجه السلطة ومطالبتها بالحصول على حقوقها المسلوبة والمتمثلة بالمساواة المطلقة مع الرجل.. وقد صور الفيلم نموذجا من النساء وهن يزجين في السجن ويعاملن بقسوة ويخسرن الزوج والأبناء والأهل، لكن ذلك لم يفت من عضدهن بل زادهن قوة وصلابة حتى نلن ما يردن من الحقوق.. فعدلت النظم والقوانين الوضعية التي تحجب صوت المرأة آن ذاك من الترشيح أو الانتخاب، أو حرية التعبير والمساواة في الأعمال والأجور.. بعد مشاهدتي للفيلم تعاطفت مع وضع المرأة المزري الذي كانت تعيشه، فهي بالكاد تجد من يحترم رأيها ويقدر قيمتها كإنسان، لذلك لا غرابة بأن تسارع المرأة للمطالبة بحقوقها الإنسانية التي سلبت منها دون وجه حق.. ويؤكد خبراء التنمية أن من أكبر الأخطاء أن تنقل تجربة لها ظروفها وملابساتها التي لا تتوائم مع ظروف منطقة أخرى، فإن ما نشهده اليوم من نبرة حادة، بل صدامية -أحيانا- في المطالبة بحقوق المرأة وما تشهده الساحة من عبارات رنانة وشعارات مهومة في الفضاء، قد لا يتناسب طبيعة المجتمع بل والتطور الاجتماعي والتغيير التدريجي الذي هو سنة من سنن الحياة. تقول عالمة الاتصال الألمانية نيومان في نظريتها (دوامة الصمت)؛ أن ارتفاع الصوت الإعلامي ليس بالضرورة يعبر عن رأي الغالبية أو الرأي الأصوب، بل قد يؤدي التدفق الإعلامي الموجه الى لجوء الأغلبية الى الاحجام عن التعبير عن رأيها معتقدة ان ما ينشر في وسائل الإعلام هو الرأي السائد أو خوفاً من مخالفة المألوف! وحتى لا نكون متشائمين، ولا نسرف في جلد الذات دعونا نرى نصف الكوب الملآن.. ودعونا نتأمل في واقع المرأة السعودية، ونتوقف عند أبرز انجازاتها وهل هذه الأصوات تعبر عن حقيقة الأمر؟.. تطالعنا الصحف بشكل دوري بأخبار وصور لمشاركة المرأة السعودية في مختلف الميادين والقطاعات.. ولعل من آخرها خطاب الأميرة لولوة بنت فيصل آل سعود الذي ألقته في الجامعة الفرنسية.. وكلنا شاهد مديرة جامعة الأميرة نورة، الأميرة الجوهرة بنت فهد بكل احترام واعتزاز بشخصيتها وهي تستقبل الوفود الأجنبية من أمريكا وهولندا.. وغيرهن الكثير من بنات هذا الوطن اللواتي شاركن في التنمية والحراك الاجتماعي وهن يتبوأن مواقع قيادية وحققن انجازات في مسيرة المرأة السعودية.. ودعوني أذكر بفخر انجازات على الجانب العلمي والثقافي والطبي فالساحة تكتظ بنماذج مشرفة من نساء هذه الأرض الطيبة.. وعلى سبيل المثال لا الحصر نجد الدكتورات الفاضلات فاتن خورشيد، وأحلام العوضي، وحياة سندي، وصباح مشرف، وريم الطويرقي، ومروة بكري، وفهدة الشبيب، وهويدا القثامي، ووفاء فقيه، وسميرة اسلام، والهام ابو الجدايل، وسعاد آل جابر، وآمال العبدالكريم، ، ومها عبدالهادي، ودلال التميمي، وحنان الغامدي، وسعاد عامر، وفردوس الصالح، وعايدة العقيل، وزينب أبو طالب، والشهيدة سامية الميمني وغيرهن الكثير الذي لا يسعنا ذكرهن في هذه المساحة الضيقة.. ياسادتي .. أشعر أن اختزال انجازات المرأة السعودية بيوم واحد نقيم فيه المدائح هو ظلم وأي ظلم.. فلا شك ان تذكر أوضاع المراة في الجوانب المظلمة أيضا يجعلنا نسارع في معالجة واقعنا.. فلا زالت الكثير من نسائنا يعانين من ظلم الأولياء وعضلهن، والمرأة تقوم اليوم بواجبات تنوء بها العصبة أولو القوة فهي المعلية والقائمة على كثير من البيوت لذا فإن مبادرتنا في دراسة الظواهر المرضية التي أفرزتها العولمة والانفتاح على الأسرة والمرأة بشكل خاص يدعو الجميع إلى المبادرة في وضع استراتيجية تنتظم بها المؤسسات الحكومية والأهلية والمجتمع المدني.. وهنا نداء صادق وملح بأن تبادر وزارة الشؤون الاجتماعية إلى تفعيل المؤسسات المدنية التي تسهم في الحفاظ على الأسرة ودعم المرأة وتعزيز مكانتها التي ضمنها ديننا الحنيف.. وإلا ستأتي لنا المنظمات الدولية التي تتحين الفرص لإحراج المملكة العربية السعودية من خلال نافذة المرأة.. فهل نحن فاعلون؟.. [email protected]