اشتبكت الشرطة الإسرائيلية مع عشرات من الفلسطينيين كانوا يرشقونها بالحجارة في القدسالشرقية أمس في "يوم غضب" أعلنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) احتجاجا على افتتاح معبد قديم بالمدينة، فيما تظاهر الالاف من تلامذة المدارس وطلبة الجامعات في العديد من مخيمات ومدن قطاع غزة صباح أمس احتجاجا على تدشين «كنيس الخراب» في الحي اليهودي بالقدسالشرقيةالمحتلة وهو التصرف الذي وصفته منظمة التحرير الفلسطينية بأنه «ذروة الاستفزازات الإسرائيلية»، وحذر مسؤول ملف القدس في حركة "فتح" من أنه قد يؤدي إلى «تفجر الأوضاع»، بينما نادت شخصيات فلسطينية مستقلة بضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وبسرعة «تلبية لنداء المسجد الأقصى»، وبادرت إيران إلى نفي تعطيلها للمصالحة الفلسطينية، أما المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل فأرجأ جولته التي كانت مقررة أمس الى المنطقة، وسط التوتر الذي تشهده العلاقات بين تل أبيب وواشنطن. ورشق فلسطينيون الشرطة الإسرائيلية بالحجارة وأشعلوا النار في إطارات وصناديق قمامة في عدة أماكن بالقدسالشرقية، وقال شهود عيان إن الشرطة ردت بإطلاق الغاز المسيل للدموع وطلقات مطاطية. وذكر مسؤولون بالمجال الطبي إن نحو 40 فلسطينيا يعالجون في مستشفيات بالمدينة من جروح بسيطة، وقال متحدث باسم الشرطة إنه تم وضع نحو 3000 من أفراد الشرطة في حالة تأهب قصوى بعد أن دعت حماس إلى احتجاجات مناهضة لإسرائيل، وقالت حماس في بيان "ندعو جماهير شعبنا الفلسطيني الى اعتبار يوم الثلاثاء (أمس) يوم غضب ضد الاجراءات التي يقوم بها الاحتلال في مدينة القدس ضد المسجد الاقصى." ويقول مسؤولون بحركتي حماس وفتح إن أعمال الترميم في معبد الخراب (كنيس الخراب) الذي يطلق عليه اليهود اسم كنيس هورفا والواقع بالحي اليهودي في المدينة القديمة بالقدس تنطوي على خطورة على المسجد الأقصى الذي يبعد 400 متر تقريبا عن المعبد، وتنفي إسرائيل هذا. وأقيمت الاثنين مراسم افتتاح المعبد الذي دمرته القوات الأردنية في حرب 1948. واحتلت إسرائيل المنطقة في حرب 1967 ، ووقعت أحداث عنف متفرقة في القدس في الأسابيع الأخيرة بعد ان قررت الحكومة الاسرائيلية ضم مواقع مقدسة في الضفة الغربية الى خطة لمواقع التراث اليهودي مما أثار غضب الفلسطينيين. وفي واشنطن عبر متحدث باسم وزارة الخارجية الاثنين عن قلقه من التوترات الناجمة عن افتتاح المعبد ودعا إلى الهدوء، وقال المتحدث بي. جيه. كراولي "نشعر بانزعاج بالغ من البيانات التي أدلى بها عدد من المسؤولين الفلسطينيين والتي تسيء تصوير الحدث محل النزاع وهو ما لن يؤدي إلا إلى تأجيج التوترات التي نشهدها". من جانب آخر تعمقت أزمة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بسبب مشروع بناء استيطاني تعارضه واشنطن عندما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الاثنين إنه لن يضع أي قيود على بناء منازل لليهود في القدس وحولها. وتسبب إعلان اسرائيل عن خطة البناء اثناء زيارة قام بها جو بايدن نائب الرئيس الامريكي الاسبوع الماضي في إحراج البيت الابيض، وفي تصريحات حادة على نحو غير معتاد وصفت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الإعلان الإسرائيلي بأنه اهانة. وفي غزة تظاهر الالاف من تلامذة المدارس وطلبة الجامعات في العديد من مخيمات ومدن قطاع غزة أمس احتجاجا على تدشين اسرائيل كنيس الخراب. وأوضحت المصادر ان اكثر من ثلاثة الاف تلميذ في جباليا وبيت لاهيا في شمال القطاع خرجوا في مسيرات متفرقة، وأن الالاف في مدينة غزة خرجوا في مسيرات طلابية توجهت الى مقر المجلس التشريعي، وشهدت مدينتا رفح وخان يونس تظاهرتين مماثلتين، وردد المتظاهرون هتافات تندد بالاجراءات الاسرائيلية في القدس وتدعو للدفاع عن المدينة المقدسة، ومنها "بالروح بالدم نفديك يا قدس" و"على القدس رايحين شهداء بالملايين"، ورفع بعض المتظاهرين اعلاما فلسطينية وصورا لقبة الصخرة. وقالت منظمة التحرير الفلسطينية أمس إن افتتاح جماعات يهودية لكنيس الخراب يعد ذروة الاستفزازات الإسرائيلية، واتهمت دائرة العلاقات الدولية في منظمة التحرير في بيان صحفي لها إسرائيل بتصعيد سياساتها القاضية بتهويد القدس وتهجير سكانها الشرعيين غير آبهة بحملة الشجب والاستنكار العربية والدولية، وحذرت الدائرة من النتائج المترتبة على السياسة الإسرائيلية في القدس والخطر الحقيقي الذي تِشكله على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، واعتبرت أن هذا الأمر يتطلب من المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات رادعة وملزمة ل"إسرائيل"، تجبرها على الامتثال لقرارات الشرعية الدولية. وقال مسؤول ملف القدس في حركة "فتح" حاتم عبدالقادر في تصريحات لتلفزيون فلسطين الرسمي إن تدشين جماعات يهودية كنيس الخراب في البلدة القديمة وقرب المسجد الأقصى في القدس يهدد بتفجر الأوضاع، واعتبر عبدالقادر أن تدشين هذا الهيكل "يشكل خطوة متقدمة تهدف إلى تكريس أو وضع حجر أساس لبناء ما يسمى بالهيكل الثالث اليهودي مكان المسجد الأقصى"، وأكد عبدالقادر أن هناك مشروعا تهويديا متدرجا تنفذه إسرائيل من اجل فرض وقائع جديدة لتغيير الوضع القائم داخل المسجد الأقصى المبارك والقدس، وقال المسؤول الفلسطيني "إن هذا المشروع يهدف إلى السيطرة على الإرث الثقافي والحضاري في مدينة القدس من اجل تحويلها إلى عاصمة لليهود في جميع أنحاء العالم" وفي ذات السياق أكد تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة أمس على ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني وإتمام المصالحة الوطنية تلبية لنداء المسجد الأقصى وكرد حقيقي على ممارسات الحكومة الإسرائيلية من انتهاكات واعتداءات في القدس، وطالب التجمع في بيان صحفي بضرورة توجه الكل الفلسطيني إلى مصالحة حقيقية لإنهاء الانقسام والتنبه والتصدي للمخططات الإسرائيلية المتصاعدة تجاه مدينة القدس والمسجد الأقصى لنصرة المقدسات الإسلامية المنتهكة من قبل الاحتلال، ودعا التجمع جماهير الشعب الفلسطيني بالداخل والخارج للمشاركة في مسيرات نصرة القدس والدعوة خلالها لتوحد الفلسطينيين وإنهاء الانقسام للتصدي لمخططات الاحتلال الإسرائيلي ، داعيا إلى تحرك عربي وإسلامي لنصرة المسجد الأقصى، متمنياً ان يلتفت المعنيون بالمصالحة إلى أهميتها في هذا الوقت بالذات. وبادرت إيران أمس للتأكيد على أنها لا تتدخل لعرقلة المصالحة الفلسطينية، نافية بذلك اتهام الرئيس الفلسطيني محمود عباس لها بتعطيل ملف المصالحة، وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست للصحفيين في طهران: "تهدف هذه التصريحات إلى التغطية على فشل الخطة (المصالحة)". وعلى صعيد تحريك مفاوضات السلام أعلن مكتب الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز ان المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل ارجأ جولته التي كانت مقررة أمس الى المنطقة، وسط التوتر الذي تشهده العلاقات بين البلدين الحليفين، وقال المكتب في بيان ان "سفارة الولاياتالمتحدة في اسرائيل اتصلت بمكتب الرئاسة لابلاغه بأن المبعوث الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل لن يصل الى اسرائيل (الثلاثاء)".