رئيس كتابة عدل سابق في مدينة كبرى ارتكب أخطاء في عمله، وعندما ثبت عليه ذلك كوفئ بالنقل إلى موقع آخر دون أن يُحاسب. وعندما يكون هذا ديدن الوزارة، فإنه لا غرابة أن يتورط كتاب عدل آخرون في قضايا مماثلة حتى يصل الأمر حد إصدار صكوك ملكية مزورة (عكاظ 2 مارس). ومنذ حادثة كارثة سيول جدة، والحديث جار باستمرار حول أراضٍ مغتصبة وصكوك مزورة ومخالفات بحجم الجبال، وكلها تشير إلى جدة وحدها في حين لا تُستبعد كوارث مماثلة في المدن الأخرى كبيرها وصغيرها. ومؤكد أيضاً أن الوزارة لا تريد فتح كل الملفات دفعة واحدة، وهي محقة في ذلك، لكن مقتضى العدل يستوجب ذلك ولو بعد حين. لا بد من خطة لتنظيف الألغام وإزالة السرقات وإعادة الحقوق سواءً كانت لمواطن أو للدولة نفسها، فمال الدولة هو في النهاية مال الوطن كله، وخيره للمواطنين كلهم لا لفرد يستحوذ على حق ليس له، ويستمتع مما يُحرم منه الآخرون ظلماً وعدواناً. إقامة العدل ليست قصائد تُلقى، ولا موشحات تُسطر، ولا كلمات تُنمّق. العدل لا يقوم بمجرد النوايا الحسنة، ولا الشعارات الرنانة، وإنما بالممارسات والتطبيقات الواضحة التي يراها الناس كما يرون الشمس في رابعة النهار. هو ملف شائك، وأطرافه متعددة ودمه موزع، لكن لا يصح مع صدق النوايا وقوة العزيمة إلا الصحيح، ولا ينتصر إلا الحق بإذنه تعالى. ولا ينبنك يا وزارة العدل مثل مجرب وخبير : أتيحوا الفرصة لكل من علم شيئاً أن يدلي بما علم، خاصة فيما يتعلق بأولئك الذين بدأوا مسيرتهم الوظيفية بأرصدة بنكية متواضعة جدا، ثم غادروها وقد أصبحت عامرة متخمة. هؤلاء منحهم الشيطان الفرصة تلو الأخرى في لحظات طويلة من إغفاءة العين الساهرة التي تسأل بحزم: من أين لك هذا؟ وأنت يا هذا كنت نسياً منسياً في ضيعة الفقراء فإذا بك علماً في دنيا كبار الأثرياء!! يا وزارة العدل، ويا جهات الرقابة والمحاسبة، ويا هيئة مكافحة الفساد: افتحوا الملفات على مصراعيها لتدركوا حجم الفساد الضارب والعبث البالغ!! [email protected]