قد شرع الإسلام الزواج، وحث عليه لما يترتب عليه من فوائد للفرد والمجتمع، كما شرع الطلاق لما يترتب عليه من حلول لمشكلات وخلافات لا تتم إلاّ به، وجعله الإسلام آخر الحلول عند حدوث الخلافات بين الزوجين، واستعصاء حلها بشتّى الطرق. والمتأمل لواقع المجتمع، والمتتبع لقضايا الأسر في مضانها يرى ارتفاع نسبة الطلاق، وأحيانًا -بل وغالبًا- لأسباب يمكن علاجها قبل أن يُلجأ إلى هذا الحل الأخير، وقبل أن تطلبي الطلاق أيّتها الزوجة، وقبل أن تقول أيّها الزوج: طالق.. فتذكرا أنكما أنتما مَن اختار ورضي بهذا الزواج، ولم يُجبر أحد منكما عليه غالبًَا، بل كان بعد رضاكما وموافقتكما، ولهذا الأجدر بكما أن ترضيا وتصبرا على هذا الاختيار، وتُصلحا كل ما بينكما من مشكلات وخلافات، وعليكما عدم العجلة في اتخاذ هذا القرار الذي قد يكون لا رجعة فيه، وعندها تراودكما فكرة الطلاق فيمكن أن تؤجّلا الموضوع لأشهر، بل وإلى السنة أحيانًا، ففي هذه المدة تتغير نفوس، وتصلح أحوال، وقد يحدث الله لكما أمرًا تكون عاقبته لكما خيرًا، كما أن عليكما ألا تطلبا الكمال، فلكل منكما عيوب، فلستِ أكمل الزوجات حتى تطلبي زوجًا مثاليًّا، ولستَ أنتَ أكمل الأزواج حتى تطلب زوجةً ملاكًا، وإن كرهتَ أو كرهتِ خلقًا ففيكما أخلاقًا أخرى جميلة يتمناها آخرون. ثم ماذا بعد الطلاق؟ هل ستحصلين على ذلك الزوج، أو ستحصل على تلك الزوجة التي وضعها كل منكما في مخيلته؟ وهل ستحصلان عليه قريبًا أو بعد سنة، أو بعد سنوات ذهبت فيها القوة والشباب والنشاط والجمال وبقي خلافها، وإن كان بينكما أبناء أو بنات أو كليهما فما هو مصيرهم؟ ومَن سيتولى تربيتهم بعدكما؟ فقد تتزوجين وقد تتزوج، ويبقى أولئك الأبناء والبنات تحت رحمة وشفقة الآخرين غيركما؟ فمن الحرص عليهم أن تصبرا على بعضكما، وأن لا تفكرا بالطلاق لأسباب يمكن حلها والصبر عليها. منصور محمد المنصوري - مكة المكرمة