لاتزال أزمة قرار تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة في مصر تلقي بظلالها وسط جدل وتساؤلات بعد القرار الذي اتخذه المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة بالاستمرار في اجراءات تعيين المرأة قاضية بالمجلس رغم قرار الاغلبية الذي اتخذه قضاة المجلس برفض تعيين المرأة ورغم وجود تيارات معارضة لفكرة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة وتيارات مؤيدة الا ان عددا من الفقهاء أقر بتعيين المرأة في القضاء وأن ذلك لا يتعارض مع مبادئ الشريعة الاسلامية . وكان رئيس مجلس الدولة المستشار محمد الحسيني قرر الاسبوع الماضي التغاضي عن قرار اتخذته الجمعية العمومية للهيئة القضائية التي رفضت الغالبية العظمى من اعضائها الاسبوع الماضي تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة الذي يضم المحكمة الادارية والمحكمة الادارية العليا. وقال الحسيني : إنه يستند في قراره عدم الالتزام بقرار الجمعية العمومية الى انه لا يمكن التصويت على امور تخالف الدستور الذي يكفل المساواة التامة بين الرجل والمرأة، ولكنه واجه انتقادات عنيفة من زملائه الذين دعوا الى عقد اجتماع عاجل لمواجهة قراره بل ان بعضهم يفكر في اتخاذ اجراء قانوني لإقالته من منصبه. واكدت المستشارة نهى الزيني، وهي واحدة من 42 قاضية في مصر وتعمل في هيئة النيابة الادارية ان منع المرأة من اعتلاء منصة المحاكم الادارية مناقض ل «الدستور». وقالت الزيني انها «مصدومة» من نتيجة الاقتراع الذي جرى في الجمعية العمومية لمجلس الدولية رغم انها تقرّ بأنه يعكس ازمة مجتمع لايزال يرفض تولي المرأة مناصب المسؤولية العليا. وتؤكد نهى الزيني انه «ليس هناك اي تعارض بين اصلاح السلطة القضائية وبين تعيين المرأة قاضية». وترى ان مفهوم «حقوق المرأة» ينظر اليه في مصر بشكل عام على انه مفهوم «مستورد» من الخارج. وتتابع ان «القضاة برفضهم لحقوق المرأة يظنون انهم يحافظون على استقلالهم». وأكدت القاضية تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، أن لديها وثيقة سابقة عند وزارة العدل مسند فيها رأي الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، بأنه لا يوجد نص قطعى يمنع تولى المرأة القضاء، واصفة القرار بأنه «مأزق خطير» فى إدارة سلطة القضاء فى مصر. واستنكرت الجبالي أن يتم مناقشة حق أصيل للمرأة فى تولي القضاء بعد إقراره فى وقت سابق، مؤكدة أن القرار تجاوز بحقّ الشعب المصرى كله وليس القضاة فقط.وأكد الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف أن تعيين المرأة قاضية ليس ضد مصلحة المجتمع، وقال «حيثما توجد المصلحة يكون شرع الله وهو المبدأ الذى يجب أن نسير عليه».وأضاف زقزوق أن اشتغال المرأة بالقضاء هى قضية قديمة ناقشها الفقهاء منذ أكثر من ألف عام واختلف الفقهاء الأربعة بشأنها. وأوضح زقزوق أن الإمام الشافعى وأحمد بن حنبل ومالك رفضوا تماما اشتغال المرأة بالقضاء، أما الإمام أبوحنيفة فأجاز اشتغالها بالقضاء فى الأمور المدنية وليست الجنائية. وأشار زقزوق الى أنه لا يجوز بأى حال من الأحوال أن ننقل من الكتب القديمة، ولكن يجب أن نعمل عقولنا فيما ورد بها ولا نضلل الناس بفتاوى بعيدة عن العقل. ووصف د.يحيى الجمل، الفقيه الدستورى، ما صدر عن الجمعية العمومية بمجلس الدولة برفض تعيين الإناث قاضيات، بالفتوى غير الملزمة، مشيرا إلى أن هناك العديد من القوانين التى أصدرتها الجمعية العمومية وخالفها مجلس الدولة. وأكد الجمل أن الجمعية العمومية وقعت فى خطأ دستورى، بعدما قال إنه لا يجوز لمجلس الدولة أن تعيد مناقشة أصل الحق فى تعين المرأة كقاضية، بعدما ترأست 42 قاضية عده دوائر، لكنه توقع أن يصدر المجلس الخاص قرارا لصالح تعيين المرأة كقاضية. وقال الجمل، يبدو أن حالة من الردة العقلية فى المجتمع، منتقدا ما وصفه ب «النفاق الدينى» المنتشر، بجانب النفاق الذى يسرى فى المجتمع ككل، مؤكدا أن البلد لن ينهض إلا بأساسين.. سيادة القانون والمنهج العلمى فى التفكير.