«وجب الوفاء فما عليّ ملامة إن بحت بعد الصمت بالإطراء» لرجل الوفاء والعطاء، الذي عرفه أهل الجزيرة العربية وكثير من المهتمين بالثقافة في العالم أجمع باحثًا همامًا، ترك بصمات واضحة، وأيادي بيضاء في التأليف التاريخي. إنه: عاتق بن غيث البلادي الحربي، الأديب، النسّابة، المؤرّخ، الجغرافي، الشاعر.. الذي وُلد في بادية شمال مكةالمكرمة في مكان يُدعى (مسر) بسفح جبل يُدعى (أَبْيض) سنة 1352ه، وفيها نشأ، ودرس في مدارس مكةالمكرمة النظامية، غير أن تركيزه كان على الدراسة في المسجد الحرام، فأخذ عن مشايخ فضلاء، وقد تحصّل على دبلوم في فن الصحافة من معهد دار عمان العالي. أسس دار مكة للنشر والتوزيع التي لا زالت تنشر مؤلفاته العلمية وغيرها. تُرجم كتابه (المعالم الجغرافية في السيرة النبوية) إلى اللغة الأردية. حصل على جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية سنة 1421ه. أطلقت أمانة محافظة جدة اسمه على أحد شوارع مدينة جدة سنة 1425ه؛ تقديرًا لجهوده وإسهاماته في خدمة الأدب والعلم.. فهو رحمه الله: • أحد الرموز الفكرية في المملكة العربية السعودية. • علامة مضيئة في صرح الفكر التاريخي والجغرافي في المملكة العربية السعودية. • تجاوزت آثاره الفكرية المحيط المحلي إلى العالمية. • أحدث حِراكًا ثقافيًّا مع صنوه الشيخ حمد الجاسر -رحمه الله-. • أبيٌّ؛ لا يساوم على الخلق العربي الإسلامي الأصيل. • له كرامة يحميها من أن تُخدش. • لم يكن طريقه مفروشًا بالورود، بل كان مليئًا بالأشواك والمشاق. • أحب القبائل العربية في الحجاز من شماله إلى جنوبه، فكتب عن تاريخها وتراثها وأنسابها. • لا تخلو دراسة أكاديمية للماجستير أو الدكتوراة في كافة الجامعات السعودية والعربية في مجال تاريخ وجغرافية الجزيرة العربية عامة والحجاز خاصة إلاّ وكتب الشيخ عاتق من أهم مراجع هذه الدراسة. علاقتي الشخصية بالشيخ عاتق: وعن نفسي، فلقد أعتدتُ على زيارة الشيخ عاتق -رحمه الله- في داره العامرة بحي ساحة إسلام بمكةالمكرمة في مجلسه الأسبوعي (مساء كل يوم اثنين)، منذ ما يزيد على عشر سنوات. وسعدت بالمشاركة عضوًا في تنظيم حفل الاحتفاء الكبير بالشيخ عاتق من قِبل عدد من أشراف الحجاز من المهتمين بالتاريخ والأنساب مساء الخميس 2/2/1427ه.. وألقيتُ كلمة في الحفل، وأعددتُ وقدّمتُ في الحفل عرضًا حاسوبيًا «بوربوينت» بالمشاركة مع «الشريف نايف القصير» لأهم ملامح شخصية الشيخ عاتق، وإنجازاته، وشهاداته، ومؤلفاته. وأحب أن أؤكد على حقيقة مهمّة لمستها في الشيخ عاتق -يرحمه الله- وهي صفة التسامح، والتفهم من الآخرين ممّن اتفقوا معه أو اختلفوا، ورفضه الغلو والتشدد في الدّين، رغم اعتزازه الكبير بسنيته ونفسه وعلمه ونسبه ومكيته، ولا أزكيه على الله، أحسبه كذلك والله حسيبه. دعوة لمحبي ورعاة العلم والعلماء: دعوة.. للمثقفين، وللكتّاب، وللصحفيين، ورجال المال والأعمال بمنطقة مكةالمكرمة والمدن التابعة لها، والجهات الحكومية التالية: 1- جامعة أم القرى. 2- نادي مكة الثقافي الأدبي. 3- أمانة العاصمة المقدسة. 4- إدارة التربية والتعليم بمنطقة مكةالمكرمة. أن يشدوا العزم لإنشاء مركز ثقافي باسم الشيخ عاتق على ثرى مكة الطاهر، ومنه ينطلق موقع على شبكة الإنترنت. ختامًا: صباح يوم «الثلاثاء 2/3/1431ه» بعد أن أُدّيت الصلاة عليه بعد صلاة الفجر في المسجد الحرام، شيّعنا العلّامة (المؤرخ والجغرافي والنسّابة الشيخ عاتق بن غيث البلادي رحمه الله إلى قبره بمقبرة المعلاة -بمكةالمكرمة -). رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. ----------------- (*) باحث تاريخي، ومشرف تربوي بتعليم منطقة مكة المكرمة