تمتلئ حياة المجتمعات بالعادات والتقاليد التي في الغالب ما يطبقّها الناس دون تقييم. ومجتمعنا أحد هذه المجتمعات التي يعلو فيها صوت العادات والتقاليد على صوت العقل والمنطق بل وعلى صوت الدين في بعض الأحيان. ولا حول ولا قوة إلا بالله. وكلمّا انغلق المجتمع تشدّدت فيه الآراء المتمسّكة بالعادات والتقاليد حتى أنها لتسبب إعاقة في النمو النفسي والفكري لأبناء هذا المجتمع. وتنقسم العادات والتقاليد إلى قسمين أوّلهما: يمثل العادات والتقاليد النافعة..وثانيهما: يمثل العادات والتقاليد البالية والضارة...التي رغم سوئها ليس باستطاعة أحدهم مناقشة ما إذا كانت هناك جدوى أو عدم جدوى مما يقوم به. ويزداد الأمر سوءاً حينما تنطلق بعض الآراء الدينية والفتاوى من منطلق العادات والتقاليد دون استناد حقيقي على فهم الشريعة ومقاصدها وأحكامها!! بل قد يتجاوز الأمر ذلك إلى تكفير من ينادي بعكس ذلك كما حدث مع بعض الفتاوى التي تستند على تشدّد غير مقبول..يسيء إلى الإسلام ويلحق به تهم التطرّف الفكري غير المقبول ولا سيمّا أن بعض هذه الفتاوى لا تستند إلاّ على أراء شخصية نابعة من فكر متشدّد لا يرى من الأمور سوى وجهها السيئ ولا يفترض إلاّ النتائج السلبية. إن احترام قيم المجتمع شيء لا غبار عليه لكن خلطها مع الدين في جوانب تسيء فيها إلى الدين وتُخرج الناس معها عن ملّتهم أمر غير مقبول. فلا بد أن يكون هناك تفريق بين ما هو حرام شرعاً وما هو عيب اجتماعياً وما هو مرفوض تقليداً..فكما أصبح الحال مع كلمة (عيب) أصبح الحال مع كلمة (حرام) إذ بلغ الحدّ بالبعض أن يطلقوا كلمة عيب على كل شيء تقريباً فيما عدا العيب نفسه!! كما بلغ الحد بالبعض إطلاق كلمة حرام على كل شيء حتى ضّيقوا واسعاً وجعلوا الحياة صعبة في عيون الناس ورسّخوا في النفوس النفور من الدين بدلاً عن الإقبال عليه وعلى تعاليمه العظيمة وأحكامه ذات المقاصد التي توافقها الفطرة السليمة والعقل والمنطق ويرتدع على أعتابها هوى النفس أو يجلده سوط تأنيب الضمير إن تخطى الأسوار...وتجاوز الحدود والخطوط الحمراء والغريب في الأمر أن من يصرّون على خلط أحكام الشرع بأحكام العادات والتقاليد ينسون أن قوانين كتاب الله وسنة نبيه وأحكامها صالحة لكل زمان ومكان بينما العادات والتقاليد جامدة يستحيل التصرف معها بخلاف ما تنصّ عليه وتفرضه. الأمر الذي يجعل العقول جامدة قاصرة... وخلط ذلك مع الدين يسيء للدين ولحياة الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله..!