مبررات الدول الغربية لشن العدوان وتدمير الشعوب وتركيعها ، وإذلالها ، وخلع رؤساء واستبدالهم بعملاء لها ، وجعل الشعوب ضعيفة مستضعفة ، لا يتعدى ذرائع أربعة فقط هي : محاربة الإرهاب الذي أوجدته ، والتطرف الديني الذي غذته ، وأسلحة الدمار الشامل التي زودته ، ورؤساء أو حكومات يشكلون خطرا على السلام العالمي وتحديدا علينا نحن وهي التي أتت بهم على ظهور الدبابات والانقلابات وغيرها من الأساليب الاستعمارية القديمة لقهر الشعوب . فيما سبق سوف نتفق مع الغرب ومن حالفه إذا كانت مبررات الملف النووي الإيراني غير مختلقة ، بعبارة أخرى ليس من صنيعها حتى تشغلنا وتستنزفنا به. ونختلف مع الغرب ومن حالفه إذا لم يشمل ذلك الاهتمام جميع دول العالم الشرعية وغير الشرعية المسماة بإسرائيل . وسوف أيضا نتباعد معها ولن نتقبلها إذا كانت تلك الذرائع السابقة ذرائع واهية مصنوعة وموضوعة ومدروسة ومرسومة ومفصلة ومحبوكة فقط لعالمنا العربي بشكل خاص وبعض دول الشرق الأوسط بشكل عام . مشكلتنا مع الغرب هي إما أنه لا يفهمنا جيدا أو أنه لا يريد أن يفهمنا جيدا وفي كلتا الحالتين فإنه سوف يخسر إن لم نقل أنه خسر بالفعل أكثر من ثلاثمائة مليون عربي وأكثر من مليار مسلم يضمرون للغرب وحلفائه اشد الكراهية والعداوة والحقد على أفعاله المشينة والحماقات التي ترتكب بحقنا في كل يوم ، وفي كل محفل دولي ، وفي كل حديث ، وفي كل تصريح ، وفي كل خطاب يتفوه به ساسته . ..هذه حقيقة يعرفها الجميع . قلت في مقال سابق إن الغرب لا يترك الشعوب بحالها تقرر مصيرها بنفسها بل إنه يتدخل عينك عينك ويأتي بالحكام ويفرضهم على الشعوب ويغذيهم ويدعمهم لكي يكونوا المبرر لكل شيء يريد استباحته .الغرب كان ومازال يخلق المشاكل والأزمات والفتن والقلاقل للشعوب من اجل جعلها مبررا للعدوان عليها سابقا ولاحقا ومستقبلا . المسماة بإسرائيل هي التي تلعب وراء الكواليس إن لم نقل إنها هي المخططة والمنفذة في الوقت نفسه . ولو أخذنا فقط الذريعة والمبرر كأسلحة الدمار الشامل مثلا لوجدنا إن تلك الدولة العبرية المحتلة لأراضينا يفترض بل ينبغي أن تكون هي آخر دولة تتكلم عن أسلحة الدمار الشامل . فنتنياهو في موسكو للضغط على إيران ، وموسكو عليها ، في الوقت ذاته ، أن تضغط على إسرائيل على الأقل لإيجاد وطن للفلسطينيين يقيمون عليه دولة قابلة للحياة ، وكذلك لفتح منشآتها النووية للتفتيش لأنها تملك جميع ما يبيدنا جميعا . إضافة إلى أننا لا نرى مع الأسف وكالة الطاقة الذرية وعلى رأسها البراد عي تطالبها بأن تكون منشآتها النووية والكيماوية والجرثومية وغيرها من الأسلحة تحت أنظار مفتشيها وخبرائها مثلما فعلت مع العراق وإيران وفشلت وكذلك مع كوريا الشمالية . نحن هنا في هذا المقام يجب أن لا يفهم أننا مع انتشار تلك الأسلحة المدمرة بل ما نطالب به أن يكون المنع والحصار الاقتصادي وغيره من أدوات التهديد والوعيد والويل والهلاك على جميع الدول التي لا تلتزم بحظر انتشار أسلحة الدمار الشامل بما فيها أمريكا وروسيا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وإيران ودولة الإرهاب والاحتلال إسرائيل وغيرها . ولكن المشكلة أننا عندما نطالب بذلك يقول الغرب أن تلك البلدان بلدان الديمقراطيات والحريات وأنها لا يمكن أن تستخدمها ضد شعوبها ، وهذا كلام صحيح ولكن من أعطاها الحق والشرعية لامتلاكه لتدمير بقية شعوب العالم ، أليسوا بشرا يريدون الحياة والعيش بأمان ؟ هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى من أعطى الحق والشرعية لإسرائيل لاحتلال أراضي الغير وممارسة الديمقراطيات والحريات لشعبها على اراضي الغير ، أليس هذا خرقا فاضحا لحقوق الإنسان والمعايير والمواثيق الدولية ؟ ومن أعطاها الحق أيضا أن تمتلك أسلحة الدمار الشامل على أراضٍ يملكها شعب مشرد منذ أكثر من نصف قرن يبحث عن العدل والمساواة وإحقاق الحق ؟ الغرب عليه أن يفهم أن العلة والمشكلة تكمن في إسرائيل ككيان محتل مغتصب لأراضي الغير ومتى ما قامت دولة فلسطينية على الأقل وفق المبادرة العربية التي أقرت في القمة العربية ببيروت فان جميع مشاكل المنطقة سوف يتم حلها بكل سهولة . فالسلاح النووي الإسرائيلي دفع ببعض دول المنطقة للحذو حذوها والتطرف الديني تم تغذيته بواسطة الغرب للاستفادة منه لإشغالنا واستنزافنا ، كما اشرنا سابقا ، ومنه ، أي التطرف ، ولد الإرهاب الذي اكتوينا بنيرانه من قبل وبعد احتلال العراق فوجود إسرائيل واحتلال العراق والتدخلات الغربية في عالمنا العربي هي التي غذت التطرف الديني ليس ذلك فحسب بل أنها جلبت لنا عملاء متخلفين لكي يحكموا شعوبهم بجسم وعقل غربي وبعباءة عربية تخدم مصالحهم . فالشعوب بشكل عام والعربية والإسلامية بشكل خاص قد تنبهت لتلك الأساليب البالية والمضحكة والمكشوفة والتي لا يمكن أن تنطلي على شعوب لديها حضارات وثقافات وعلم ودراية قبل أن يكون الغرب وتقدمه. شعوب تعي وتدرك أن بقاءها كشعوب تبحث عن التقدم والرقي يكمن في محاربة أية إغراءات لتفتيت وحدتها الوطنية وتمزيق جبهتها الداخلية والعراق الشقيق وأفغانستان والصومال وغيرها شاخصة أمام أبصارنا تحذرنا وتستصرخنا بأن لا نتعامل مع الأجنبي أو مع دول ترى وتعتقد وتؤمن أننا لسنا شعوبا تستحق الحياة وأننا نستحق فقط أن نعيش على قارعة الطريق نستجدي الآخرين!! .