* من واقع مشاركتك في المؤتمر العشرين للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات بالمغرب مؤخّرًا.. ما الجديد؟ جاء المؤتمر العشرون في ثوب قشيب ظهرت فيه جهود من وقف وراءه من إدارة الاتحاد وعلى رأسهم رئيس الاتحاد الدكتور حسن السريحي الذي أبلى بلاء حسنًا، وكذلك جهود زملائه في المكتب التنفيذي بالإضافة إلى جهود العديد من المهمتين بشؤون الاتحاد ومريديه ومناصريه وممثليه في الوطن العربي. تضاف إلى ذلك الجهود الكبيرة التي قدمتها المملكة المغربية ممثلة في وزارة الثقافة، وأيضًا مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية. وقد جاء المؤتمر في سلاسة وهدوء كبيرين كنتيجة مفرحة للجهود الكبيرة التي بذلت خلال الأعوام المنصرمة والتي أظهرت فيها الغالبية انحيازها لمصلحة الاتحاد وتغليبها ذلك على مصالح الأشخاص الذي كانوا يسيطرون على الاتحاد ومقدراته، ويستأثرون بقراراته المصيرية. ولاشك بأن مؤتمر القاهرة 2008 كان علامة فارقة في حياة الاتحاد لا تقل أهمية عن أهمية تأسيسه في أوائل 1986م، ذلك أن الغالبية الساحقة جاءت لمؤتمر القاهرة في رسالة واضحة للزملاء في تونس بأنه قد آن الأوان لأن يستقل الاتحاد عن الأشخاص، وأن يأخذ المكتب التنفيذي فرصته كاملة في إدارة الاتحاد. وهذا الذي نعم به المكتب الحالي وتميّز به عمن سبقه، إذ يقرر أعضاء المكتب فيما يرونه دون أن يجدوا من يتدخل في أعمالهم أو يفرض عليهم آراءه ورغباته. ولذا فقد كان مؤتمر المغرب منظمًا وحافلاً بالنشاط العلمي؛ حيث تضمن نحو ثمانين ورقة علمية في سابقة لن تنسى. كما حفل بحضور أعداد كبيرة تجاوزت الأربعمائة مشارك من نحو عشرين دولة عربية. نجاحات غير مسبوقة * ما مدى النجاح الذي حققه مؤتمر المكتبات والمعلومات؟ لقد حقق مؤتمر الاتحاد العشرون نجاحات غير مسبوقة سواء في عدد المشاركين من خارج البلد إذ حضره أكثر من ثلاثمائة وعشرين مشاركًا من خارج المغرب، وهذا رقم لا ينافسه إلا مؤتمر الشام 1998م.كما أن المؤتمر الحالي قد استقطب عددًا كبيرًا من الأوراق وصلت لثمانين ورقة علمية، كما تميز المؤتمر بصدور أعمال المؤتمر في مجلدين ضخمين تصل صفحاتهما لنحو ألفي صفحة. وبخلاف ذلك فقد تميز المؤتمر بجوائزه المتعددة ؛ والتي تضمنت بالإضافة لجائزة الشخصية الداعمة، جائزة أفضل رسالة علمية في تخصص المكتبات والمعلومات الوطن العربي لعام 2009 وفازت بها رسالة الدكتور سعد الزهري، وجائزة أفضل بحث في خدمات المعلومات الصحية وفاز بها بحث د. عماد وعيسى ود.أماني السيد، وفاز مشروع الفهرس العربي الموحد بجائزة أفضل مشروع عربي، كما فاز مشروع القراءة في مصر بجائزة أفضل مشروع وطني، وفازت د.نزهة بن الخياط ود.محمد بن جلون بجائزة رواد المكتبات التي تدعمها شركة النظم. وتميز المؤتمر الذي أقيم لأول مرة بالمغرب بإقامته تحت رعاية الملك محمد السادس وهو ثاني مؤتمر يقام تحت رعاية رئيس الدولة بعد مؤتمر جده 2007. وبالإضافة إلى صدور أعمال المؤتمر بدعم كبير من مكتبه الملك عبدالعزيز العامة، صدر أيضًا العدد المزدوج من مجلة (اعلم) العلمية المحكمة متزامنة مع المؤتمر والتي اشتملت على العديد من الأوراق العلمية المتميزة والتي تشكل إضافة علمية ومعرفية للمتخصصين بالمجال. حضور سعودي لافت * ماذا قدمت للاتحاد العربي للمكتبات في فترة رئاستك له.. وما هي أبرز المصاعب التي واجهتك؟ جاءت رئاستي للاتحاد كتدرج طبيعي ومنطقي إذ عملت بلجان الاتحاد ومكاتبه التنفيذية لنحو خمسة عشر عامًا، وانتخبت لمكتبة التنفيذي عام 1997، ثم انتخبت أمينًا عامًا للاتحاد في عام 2000، إلى أن جاء انتخابي لرئاسته في 2006. وقبل الحديث عن فترة رئاستي للاتحاد أود أن أعرج قليلاً لما قبل ذلك، إذ قدمت جهودًا لا بأس بها للتعريف بالاتحاد في المملكة والخليج واستقطاب العديد من الأسماء للمشاركة في مؤتمرات الاتحاد سواء بالأوراق أم بالحضور. وفي الوقت الذي شارك في مؤتمر الاتحاد خمسة مشاركين في عام 1997، نجد عدد السعوديين اليوم في مؤتمراته السنوية يصل للأربعين. كما أصبح لنا صوت يسمع وأصبحنا نشارك في صناعة القرارات، وهذا بفضل الله ثم بفضل شركة أرامكو السعودية لشخصي المتواضع. كما أن المشاركة الفاعلة من قبل مكتبتي الملك عبدالعزيز العامة والملك فهد الوطنية كان لها كبير الأثر في هذا الحضور السعودي اللافت في حياة الاتحاد اليوم. ولا يمكن إغفال وزارة الثقافة والإعلام التي استضافت مؤتمر جدة كواحد من أفضل المؤتمرات إن لم يكن أفضلها على الإطلاق، وكذلك جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة أم القرى وجامعة الملك سعود التي كانت لمشاركة منسوبيها أدوارًا مهمة في الحضور السعودي المتميز خلال العقد المنصرم.. أما الأحداث خلال فترة رئاستي فقد كانت كثيرة ومريرة، قد لا يتسع الحديث لها في هذا الطرح، ولكن فترتي كانت امتدادا لفترة الدكتورة مبروكة محيريق التي ترأست الاتحاد خلال الفترة 2003 - 2006 ولم يتركها الزملاء في تونس تعمل، وأرهقوها بتدخلاتهم واتهاماتهم بهدف زعزعة فكرة أن الاتحاد يمكن أن يستمر برئاسة عربية، وتأكيدهم بأنه سيموت إذا خرجت رئاسته من تونس. ولذا فقد استمرت محاربتهم لي لذات السبب، إلى أن أعانني الله وتحملت المسؤولية بدعم من الزملاء والزميلات الذين رأوا الحق وساندوه. ولذا فكم كنت سعيدًا أن أُقابل الدكتور عبداللطيف صوفي في المغرب قادمًا من أمريكا حيث يقضي تقاعده هناك، وكنت في سعادة كبيرة وهو يقول لي: “كم تمنيت يا سعد لو تلين أثناء خلافك مع الزملاء من تونس، ولكن الحمد لله أنك لم تلن وأكملت المسيرة.. وها نحن نعيش الاستقرار الذي دفعت ثمنه أنت خلال السنوات التي مضت..”. وقد كانت هناك نجاحات معتادة كإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل والموقع وخلاف ذلك، ولكن الأمور الكبيرة تمثّلت في إصدار المجلة، واستضافة المؤتمر في السعودية لأول مرة، وأهم من ذلك كان قرار مواجهة “السلطنة” على الاتحاد وإفشال محاولة اختطافه، حيث قررنا إقامة مؤتمر الاتحاد الشرعي في نوفمبر 2008 في القاهرة وذلك حين أعلن الزملاء في تونس إقامة مؤتمر الاتحاد في تونس من عند أنفسهم في محاولة بائسة لفرض آرائهم وإحكام سيطرتهم على الاتحاد. ولذا فقد كانت لدنيا حينها ثلاثة خيارات: إما التسليم بذلك والحضور معهم، أو الاستقالة، أو إقامة المؤتمر الشرعي كما يراه المكتب التنفيذي في مكان يحدده المكتب. وكان القرار في الخيار الثالث، وهو الذي حشدنا جهودنا الشخصية له بكل ما تعني الكلمة من معني، حيث حضر مائتان وعشرة أشخاص من خارج مصر لذلك المؤتمر في الوقت الذي حضر مؤتمر تونس ثمانية عشر شخصًا من ليبيا وواحد من الجزائر وآخر من المغرب. وهذه كانت رسالة واضحة للزملاء في تونس أن كفوا أيديكم وعودوا إلى الرأي العربي في اتحاد يحكمه دستور لا أشخاص. وفي تصوري أن ذلك كان أهم حدث في حياة الاتحاد منذ تأسيسه. جائزة مستحقة * ماذا عن فوز خادم الحرمين الشريفين بالجائزة الأولى للشخصية الداعمة للمكتبات والثقافة؟ لقد جاء اختيار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- لجائزة الاتحاد للشخصية الداعمة للمكتبات والثقافة نتيجة طبيعية لما قدمه - أيّده الله- للعلم والمعرفة من خلال دعمه غير المحدود للمكتبات منذ عقود، فقد أنشأ مكتبة الملك عبدالعزيز العامة وقطعها جزءًا من منزله وصرف عليها من جيبه الخاص، كما أنشأ شقيقتها بالمغرب مؤسسة الملك عبدالعزيز آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية لتصبح منارة للعلم في شمال أفريقية، أفاد منها عشرات الآلاف من الباحثين وطلبة العلم. كما أنه قد خصص جائزة كبيرة للترجمة تتشرف بحمل اسمه بالإضافة إلى العديد من المنجزات التي تبرر بما لا يدعَ مجالاً للشك أن منح الجائزة له تأتي اعترافًا بأفضاله أيده الله وتقديرًا من مجتمع المكتبات والمعلومات والقائمين عليها لخادم الحرمين الشريفين.. ولا شك بأن قبوله للجائزة يعد هو الآخر دعمًا غير مباشر للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات إذ ستكون هذه الجائزة مطلبًا- فيما أحسب- وستصبح أكثر إغراء وقبولاً. ولذا فإنني باسمي وباسم كل المهنيين والمكتبيين الذين تشرفت بالعمل معهم سواء عندما كنت رئيسًا للاتحاد أو قبل ذلك عندما كنت رئيسًا لجمعية المكتبات المتخصصة بالخليج العربي وحتى الآن وأنا أمثّل العرب في المجلس العالمي لمركز حوسبة المكتبات OCLC أشكر لمقام خادم الحرمين الشريفين قبوله الجائزة، كما نثمن له دعمه غير المحدود للمكتبات واهتمامه بالثقافة وأهلها وبسدنة العلم والمعرفة من العاملين في خدمات المعلومات. أفضل الفترات * وكيف ترى الفترة الحالية التي يرأسها الدكتور حسن السريحي؟ هذه الفترة هي من أفضل الفترات التي عاشها الاتحاد لأسباب كثيرة أولاها هذه الكوكبة التي تقود الاتحاد برئاسة الدكتور حسن السريحي والتي بينها ألفة وتجانس، نسأل الله أن يجنبها حسد الحاسدين وكيد الكائدين. ثانيها أن الدكتور حسن وفريقه بدأوا في تسخير خبراتهم في هذه النوعية من النشاطات والجوائز التي ستنطلق بالاتحاد للأمام. وأنا مستبشر خيرا بهذه الفترة. الهواة والمحترفون * برأيك.. ماذا ينقص الاتحاد العربي للمكتبات؟ ينقص الاتحاد الشيء الكثير حتي ينتقل من عصر الهواة والمتطوعين إلى عصر الاحتراف. الاتحاد اليوم يعتمد كليًا على متطوعين، فمكتبه التنفيذي المنتخب المتطوع هو من يقوم بتنفيذ الأعمال، ولذا فيستمر العمل والنجاح مرهونًا بانتخاب أناس متحمسين ويقتطعون الشيء الكثير من أوقاتهم وجهودهم للاتحاد. ولذا، فالاتحاد اليوم يحتاج لأن يتحول إلى منظمة محترفة Professional مثل الاتحاد الدولي للمكتبات والمعلومات (الإفلا) وجمعيتي المكتبات الأمريكية والبريطانية وغيرها. ولكن ذلك لن يتحقق بقرار فردي، وإنما سيحتاج المرء لمساعدة دولة أو منظمة كجهة داعمة، على الأقل لمرحلة مؤقتة (انتقالية) لعدة سنوات حتى يتمكن الاتحاد من توظيف متخصصين بأجر يعملون لمصلحة هذا الاتحاد، وهذا لا يتعارض أبدًا مع انتخاب مكتب تنفيذي. بل يتوجب الاستمرار في انتخاب مكاتب تنفيذية لإبقاء الاتحاد منتسبًا لهذه المهنة وإبقاء المهنيين منتسبين للاتحاد. أما الأعمال والأنشطة التي يقرها المكتب التنفيذي المنتخب فينفذها موظفو الاتحاد الذين يعملون بأجر. البحث عن نموذج * ما هي حيثيات فوزك بجائزة أفضل رسالة علمية في تخصص المكتبات والمعلومات في الوطن العربي؟ خصص الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات جائزة بمسمى “جائزة الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات لأفضل رسالة علمية للعام 2009 م” ويكون محورها مرتبطًا بكل الموضوعات ذات العلاقة بمجال علم المكتبات والمعلومات. ورسالتي التي فازت بالجائزة، المتمثلة في درع وشهادة تقدير ومبلغ 500 دولار، تمحورت حول موضوع المكتبة الافتراضية متخذة من المكتبة الأكاديمية مقرًا لها مع محاولة الخروج بتصور (أنموذج) لمكتبة أكاديمية افتراضية في المملكة العربية السعودية. وتركزت أهداف هذه الدراسة على البحث في احتمالات إنشاء مكتبة افتراضية أكاديمية لا مركزية في المملكة العربية السعودية، حيث يُؤمَّل أن تستكشف الدراسة الجوانب الاجتماعية والمادية والتقنية والبشرية الخاصة لإنشاء مثل هذه المكتبة. كما تهدف أيضًا إلى استكشاف الموارد اللازمة لإنشاء هذه المكتبة، فضلاً عن احتمالات الإفادة من هذه المكتبة. كما تهدف هذه الدراسة إلى تقديم نموذج مقترح Suggested Model مبنيًا على أسس علمية لإنشاء مكتبة أكاديمية افتراضية في المملكة العربية السعودية، بحيث تشارك فيها معظم المكتبات الأكاديمية من مختلف مناطق المملكة لتحقق أكبر قدر ممكن من التكامل وتصبح مكتبة يستفيد منها المنتمون للقطاع الأكاديمي السعودي. ترشيح أوروبي * من منكما سعى إلى الآخر.. أنت أم الجائزة.. وكيف كا شعورك عندماتلقيت نبأ فوزك بها؟ بالطبع لم أسع للجائزة بعملي، فأنا انتهيت منذ نحو سنة وعملت على أن أتميز بعملي وأن أقدم الأفضل قبل أن يكون هناك جائزة، ولكن حين فتح الباب الترشح شجعني المشرف لأن أتقدم للجائزة، وهكذا فعلت. وبالمناسبة، الرسالة مرشحة لجائزة أوروبية، فقد تم اختيارها ضمن قائمة قصير Short List للتصويت عليها بعد تحكيمها.. أما عن شعوري فلا شك أنني سعدت كثيرًا بهذا التكريم وهذه الجائزة وهذا التقدير، وكان تسليمها لي في مؤتمر المغرب أيضًا فرصة للفرحة بين كثير من الزملاء الذين سعدت بتبريكاتهم وبمشاركتهم لي فرحتي هذه. كما أن ذلك أيضًا أسعدني بأن تكون أول جائزة في هذا الإطار لسعودي، إذ أننا لسنين طويلة لم نتحصل على حقوقنا في المنافسات المشابهة، وقد آن الأوان لذلك. كما كنت فخورًا أيضا بتلك الأسماء الكبيرة في مجالات المكتبات والمعلومات التي تجمعت لتبارك لي كعلي النملة (مع حفظ الألقاب) وفتحي عبدالهادي وشعبان خليفة ومصطفى أبو شعيشع وسيدة ماجد وأبكر الهوش ومبروكة محيرق وهاني العمد وغيرهم. * أي مصير ينتظر رسالتك الفائزة.. الحبس في الأدراج أم كتاب مقروء؟ لقد تلقيت عروضًا من ناشرين حتى قبل أن انتهي من الرسالة طالبين نشرها، ولكنني فضّلت أن تنشرها مكتبتنا الوطنية مكتبة الملك فهد الوطنية والتي نشرتها مشكورة، وهي بين أيدي الباحثين اليوم. وبهذه المناسبة أشكر الأستاذ علي الصوينع والأستاذ نبيل المعثم على جهودهما في هذا الشأن وأدعو لهما بالتوفيق. وستكون قريبًا منشورة على الإنترنت على موقع مكتبة الملك فهد الوطنية أيضًا.