يعيش سكان القرى الحدودية جنوب المملكة النازحين بمخيمات الإيواء على ذكريات الماضي والحنين لقراهم بما فيها من منازلهم ومزارعهم وكافة ممتلكاتهم، التي قضوا فيها جل أوقاتهم حلوها ومرها، ورغم ما تمثله عندهم إلا أنهم دفعوها في سبيل الحفاظ على أمن ومقدرات الوطن والحفاظ على كل شبر من ترابه وأراضيه. وأعرب مشايخ شمل وأعيان قبائل الحُرّث بالخوبة عن شكرهم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على ما يوليه يحفظه الله من رعاية واهتمام بأبنائه النازحين الذين تعرضت قراهم للاعتداء الغاشم من قبل المتسللين المسلحين، والتي تم تطهيرها على أيدي أبطال قواتنا المسلحة بعد أن خاضت مع المعتدين ملاحم بطولية جعلت هؤلاء المعتدين يولون الأدبار منهزمين شر هزيمة، وأعربوا عن أملهم في أن تراعي اللجان التي ستقف على حجم المعاناة والخسائر التي لحقت بسكان القرى الحدودية ما لحق بالمواطن في تلك القرى من خسائر مادية كبيرة جراء عبث المعتدين بالمنازل ونهب ما بداخلها من مدخرات وأثاث. موقف القيادة وقال شيخ شمل قبائل الهزاهيز الشيخ أحمد بن محمد طراد إن القيادة السعودية عودتنا على الوقوف إلى جانب المواطن، وليس أدل من وقفتها البطولية ضد المعتدين المتسللين، ورعايتها وعنايتها بنا وبقبائلنا من جميع الأوجه. وقال طراد إن سكان القرى الحدودية في حال عدم عودتهم لقراهم لظروف أمنية تراها الدولة سوف يؤدي إلى فقدانهم لمزارعهم التي تمثل مصدر عيشهم منذ مئات السنين، وبدأوا يتساءلون عن الكيفية التي يتم تعويضهم عن تلك المزارع، وهل سيكون التعويض نقداً أم بمساحات زراعية مماثلة، وأين ستكون الأراضي البديلة خاصة، وأن سكان تلك القرى تعودوا على بيئة معينة تحتوي مواشيهم ومناحلهم، وثقتنا كبيرة في اللجان المختصة بأن تراعي في مهمتها الظروف المعيشية لسكان تلك القرى وبيئة المكان، فالإنسان عندما يفقد بيئته يصبح من العسير عليه التعايش مع بيئة مختلفة، وهنا لابد من وجود المعادلة بشكل يضمن عدم التشرخ الاجتماعي للقبيلة الواحدة. تضرر المباني أما الشيخ أحمد بن محمد المعشلي شيخ شمل قبائل الكعوب فقال أولا أرفع باسمي وباسم جميع قبائل الكعوب الشكر والعرفان المقرون بالولاء المطلق لقائد مسيرتنا المباركة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وسمو النائب الثاني على هذا النصر المؤزر ضد عصابة البغي والعدوان، مؤكدين أننا بما نملك من مال وولد وأنفس فداء لتراب هذا الوطن، وعودتنا قيادتنا على إعطاء المواطن وليس الأخذ منه، وأؤكد لك ولقبائل الكعوب على الشريط الحدودي أنهم وكامل ممتلكاتهم في رعاية الله ثم في رعاية دولتنا العادلة فلو لم يكن لسكان هذه القرى قيمة لدى الدولة لما حشدت القيادة القوات المسلحة، ولما بذل أبطالنا أرواحهم ودماءهم دون ترابها لأن الدولة تدرك أن أي اعتداء على جزء من تراب الوطن ما هو إلا اعتداء على الوطن بأكمله. وأضاف المعشلي بقوله “صحيح أن المزارع تشكل المصدر الوحيد لسكان الشريط الحدودي من جميع قبائل الحُرّث الأربع الهزازي والكعبي والمجرشي والشراحيلي وهي عصب معيشتهم، ولكن إذا رأت الدولة أن وجودهم في هذا الشريط يشكل خطرا أو عدم استقرار أمني لهم فإن الدولة لن تهمل أي حق للمواطن. فيما يؤكد الشيخ أحمد بن علي أبو عقيلة شيخ شمل قبائل المجارشة أن هناك تساؤلات من سكان القرى الحدودية التي دارت فيها المعارك بين قواتنا المسلحة وبين المعتدين حول مصير مزارعهم ومنازلهم التي سمعوا أنهم لن يعودوا لها، وأنها ستكون ضمن الحزام الأمني الخالي من السكان وهذا قرار حكيم من الدولة في حال أنه ثبت ذلك، ونحن كمشايخ قبائل لم نُبلغ بشيء من ذلك، فنحن نعتمد على ما نتبلغ به من إمارة منطقة جازان ومن محافظ الحُرّث وحتى هذه اللحظة لم نتبلغ بأي قرار حيال عودة سكان الشريط الحدودي من عدمها. وأضاف أبو عقيلة أن جميع الدور في القرى الجنوبية من الخوبة تضررت بلا شك نتيجة الاعتداء الغاشم من الحوثيين وليست المباني الوحيدة التي تضررت بل إن جميع سكانها قد غادروا منازلهم بأرواحهم تاركين مدخراتهم وأشياءهم داخل منازلهم وعبث بها المتسللون، والآن منازلهم منها ما هو مُدمر تدميراً كاملاً ومنها الجزئي، وإذا ما قُرر أن يعودوا إلى ديارهم فإن عملية الترميم والإصلاح تحتاج إلى الكثير من المال والجهد، فمعظمهم فقراء ليس بمقدورهم وبعضهم دُمرت منازلهم بالكامل، ولكني على يقين أن الدولة يحرسها الله وضعت كامل الاحتمالات في الحسبان ونحن ننتظر التوجيهات من ولاة الأمر. وأشار الشيخ علي بن إسماعيل معشلي الكعبي أنه لاشك أن الإنسان خُلق من بيئته ولذلك نجد أن هناك ارتباطا وثيقا بين الإنسان والبيئة ومعروف أن المرء إذا ولد وعاش إلى ما فوق سن الأربعين في بيئة واحدة فيعز عليه مفارقتها فلا يجد لذة النوم وطعم الأكل وراحة البال بعيداً عن بيئته الأساسية التي ولد وعاش فيها هذا العمر، حتى وإن انتقل إلى بيئة أفضل لأن تفاعل النفس مع البيئة الجديدة ليس بالسهولة، ونحن في قبائل الحُرّث لنا بيئة خاصة وجدنا أنفسنا فيها مثل ما كانت عليه الأجيال المتعاقبة منذ عشرات القرون، ونحن لنا ما يربو على تسعون يوما نعاني أشد المعاناة النفسية من بُعدنا عن بيئتنا التي ولدنا وترعرعنا فيها، فعلى الرغم من ما وفرته الدولة أيدها الله من سكن وإعاشة ورعاية صحية وتعليمية واجتماعية منذ اللحظة التي نزحنا فيها، ونتطلع من اللجان التي ستقف على الوضع في الشريط الحدودي مراعاة الجوانب النفسية للسكان بحيث يكون هناك البديل المناسب لبيئتهم في حال عدم عودتهم لديارهم. واستدرك الكعبي قائلاً إذا رأت جهات الاختصاص عدم عودة سكان القرى الحدودية فهذا بلا شك قرار سليم للمحافظة على أرواح المواطنين من شر المتسللين. حنين للأرض وقال الشيخ عبدالله بن حافظ مدخلي الكعبي مدير الجمعية الخيرية بالحُرّث “الحمد لله الذي أفاء علينا وعلى قيادتنا الغالية بالنصر وثبت جنودنا البواسل حتى حققوا هذا النصر ضد فئة مجرمة اعتدت على بلد الأمن والسلام ورائدة الخير في العالم الإسلامي، وقال حافظ إن هناك لجانا وزارية سوف تقوم بحصر الأضرار الناجمة عن هذا الاعتداء السافر وهي لجان ستكون مكلفة من ولاة الأمر وسوف ينظر ولاة أمرنا إلى كل ما يسعد المواطن ويحقق مطالبه فقد تعودنا من قيادتنا البر بشعبها. أما الشيخ فاضل بن ياسين الحسني فقال تقدير عودة سكان قرى الغاوية والقرى الجنوبية من الخوبة وقائم الكعوب والجابري من عدمه متروك للجهات المختصة فالدولة تنظر للصالح العام وإذا ما تقرر عدم عودتهم لقراهم فإن الدولة لن تهمل شأن المزارع كونها تمثل أهمية كبيرة للمواطن وتشكل له الأمن الغذائي له ولمواشيه، خاصة وأن معظم سكان قرى الحُرّث يعتمدون على المواشي والزراعة كمصدر لرزقهم، وسوف تعوضهم الدولة عن مزارعهم مادياً وأنا أستبعد التعويض بأراضٍ زراعية بديلة لعدم توفر المساحات المماثلة، ولكن علينا أن ننتظر شخوص اللجان المعنية وبعدها لكل حادث حديث.