لا يوجد في الدنيا وسيلة إعلام محايدة ، وليس هناك عاقل يمكن أن يطلب من وسائل الإعلام بأن تتحلى بالحيادية في ظل سيطرة صانعي القرار السياسي عليها . هذا الكلام ينطبق على جميع وسائل الإعلام المؤثرة في العالم ما عدا وسائل الإعلام الاسكندنافية حيث يسود في تلك الدول نموذج يوتوبي من الديمقراطية القائمة على العدالة الاجتماعية. العمل الإعلامي يشبه العمل السياسي من حيث ارتهان الاثنين للمبدأ المعروف : فن الممكن . لكن هذا لا يبرر لوسائل الإعلام الانحياز المطلق ، كما أنه لا يبرر انعدام الحرفية الذي نلاحظه عبر أداء بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية . الاستخفاف بعقول الناس ، وتجاهل الأخبار المهمة ، وتضخيم الأخبار قليلة الأهمية أو حتى صناعتها ، وعدم منح الطرف الآخر الفرصة في الظهور والكلام ، هي جميعا سمات خاصة بالإعلام المنحاز . وهذا النوع من الصعب أن يؤثر في الناس لأن الناس ترى وتقارن وتقف بالتالي على الفارق بين من يحترم عقولها وبين من يستهتر بها . ومن الغباء المهني أن يعتقد أحد ما بقدرته على التأثير في الناس وهو فاقد المصداقية . الإعلام المنحاز يمكن أن يكون ذكيا . وهذا لا يتحقق عن طريق الإقصاء والتجاهل والتضخيم المبالغ فيه ، ولكن عن طريق ادعاء الحياد وإقناع المشاهد أو القارئ أن وسيلة الإعلام متوازنة وأنها لا تحمل مواقف مسبقة من القضايا السياسية وما يتمخض عنها من أحداث . ليس هناك إعلام منحاز وإعلام غير منحاز . هناك إعلام ذكي وآخر غبي .