يؤكد الدكتور محمد الحسن صالح الأمين عميد كلية التربية بجامعة الجزيرة بالسودان الآثار الخطيرة التي تتركها النعرات الطائفية على المجتمعات المختلفة ويبين مساوئها قائلاً: كفى الطائفية والعنصرية سبة أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يكتف بالنهي عنها، بل وصفها بالنتانة، حيث قال لأصحابه: دعوها فإنها منتنة. والإسلام حينما جاء إنما أتى لتهذيب النفوس وإصلاحها، وتخليص القلوب من النجس والأوحال، وكانت العنصرية والطائفية من أول الظواهر السالبة التي حاربها الإسلام. ومضى الأمين قائلاً: عندما استقر المقام بالرسول صلى الله عليه وسلم كان من أهم ما قام به بعد بناء المسجد النبوي مباشرة هو الإصلاح والتآخي بين قبيلتي الأوس والخزرج اللتين كانتا في نزاع متواصل وخصومة مستمرة. فآخى بينهما وأزال ما في نفوس أفراد القبيلتين من الضغائن والأحقاد، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وذلك لعلمه أن هذه الدعوة لن يكتب لها النجاح في ظل مجتمع ينخر في جسده سوس الاختلاف والفرقة. وأضاف: ما نشاهده اليوم بين المسلمين وأصحاب القبلة الواحدة من تنازع وتشتت وتشرذم هو أمر يبعث في النفس الأسى والحزن، وهو لعمري نتاج مخطط طويل لأعداء الإسلام الذين أدركوا منذ وقت مبكر أنه لا سبيل لإضعاف المسلمين إلا عبر هذا المنفذ، وذلك بعد أن عجزوا عن الطعن في دين الله، ويئسوا من تشكيك المسلمين في دينهم. فلم يجدوا مناصاً من بث عوامل الفرقة بينهم. وطالب الأمين العقلاء من المسلمين من كل الجبهات بأن يسعوا إلى نزع فتيل التوتر والبحث عن القواسم المشتركة، وغض الطرف عن أماكن الاختلاف، وتحكيم صوت العقل وتغليب مصلحة الإسلام على ما سواها من القبيلة والحزب والطائفة والمذهب. وقال: هنا يبرز الدور الأكبر لعلماء الإسلام الحقيقيين المهمومين بقضيته، فهؤلاء هم ورثة الأنبياء ومسؤولون أمام الله يوم القيامة عما لحق بالأمة من تخلف وما أصابها من فتور، ذلك أنهم مكلفون شرعاً بإحقاق الحق وإبطال الباطل، فالإسلام لا يأمر أتباع الطوائف بالتعايش والتآخي فقط، بل يطالبهم بأن يطبقوا هذا المفهوم مع غير المسلمين، فما بالك بأبناء الملة الواحدة؟ وقد كان لنا في رسول الله اسوة حسنة عندما أدى لأهل الكتاب حقوقهم ولم يرغمهم على الدخول في الإسلام وجاورهم وبايعهم وتزوج من ماريا القبطية وصفية بنت حيي بن أخطب اليهودي عليهن السلام.