* الكثير منا يعاني نفسيا بشكل أو بآخر، الا ان أمراض وعوارض النفس غير مرئية، ومعالمها داخلية.. وحين انتشرت في المجتمع ظاهرة الاحتفال بالطلاق فان هذا دليل أكيد على عمق المعاناة، وما اظهار مباهج الفرح الا تأكيد على كبر حجم المعاناة!! * الدموع بل والنحيب في النفس المنهزمة كثيرا ما يظهر على شكل غرور وتعالٍ، والحقيقة تمزق وألم وحسرة من الداخل، والطلاق في حد ذاته انكسار وانهزام لكل الأطراف في الأسرة بداية (بالزوج والزوجة) وغالبا من يحصد نتيجة الهزيمة ويضرس بمرارتها هم الأبناء أو الأطفال لهذين الزوجين، وحين وصف في الشرع بانه أبغض الحلال فذلك ان البغيض هو المكروه فكيف بنا نلبس هذه الكراهية ثوب الفرح والابتهاج، والحقيقة النقيض من هذا تماما!! * لئن نظرنا (للتهذيب) الشرعي لهذه القضية، وما يجب ان نسلكه في حياتنا ونربي عليه أولادنا وأجيالنا ان كل ساعة تمضي من عمرنا بكل ما يحدث فيها، سبق وكتبت وحددت وعلمت بما بها من اقدارنا، واننا في الحياة كشخوص مسخرون لبعضنا البعض (لأسباب) تلعبها أدوارنا في الحياة، فان تفكرنا هنا في أمرنا وان كان ما بين الهينة والهينة لوجدنا ان علينا الا نمضي ونستمرئ مطالبة الآخر بالكمال بمعنى لا أكون أنا من البشر وأطالب الشريك ان يكون ملاكا لا يخطئ ولا يقصر أبداً، أما الحقيقة التي ننساها ونغفل عنها ان كنا لا نتجاهلها فهي ان السعادة لا توجد في الحياة الدنيا الا لحظات قليلة والباحث عنها بعمق وجدية لن يجدها الا في القرب والتقرب من الله تعالى، وللأهمية فهناك مؤشرات تحذير رأفة بالإنسان وهي ان يحذر انحراف التفكير أو الفكر لذلك أوصى المولى عز وجل بالتفكر والتأمل والتعقل.. فان تناولنا واحدا فقط من المؤشرات من حيث الحياة الزوجية لوجدنا ان الشاب حين يقدم على الزواج يشترط (حورية من الجنة) أريد كذا وكذا وكذا.. الخ وحين تنظر إليه تجده قزما بالحياة!! وكذلك الفتاة حين ترغب في الزواج فهي ترغب بملاك به كل صفات ومواصفات ومقتدرات حياة الترف فهي تريد السفر ومسكنا وثيرا وحدائق غناء وخدما وحشما لانها تعلم انها فاشلة في معرفة مهام الحياة فتتذرع بالحماية والتحصين كما (يخيل لها) من كل نواحي حياتها وهذا يعد انحرافا في التفكير عما يجب ان يكون ويبنى عليه الفكر الصحيح من المطلب الأصل من الزواج. * إذا في أمور الزواج وغيرها، جميل ان نجد تعامل الإنسان وسلوكه وفكره أو عقليته مستمدة من المنابع الفطرية الطبيعية، وليس من الأحداث المكتسبة. ولنعلم ان شيئا من الألم يذكي الحياة ولا يفسدها! فتعليم الحياة لنا يتم بشكل عملي فمثلا الرجل يشقى ويتعب ويكافح حتى يرتاح فشقاء الرجل محفزة للراحة، بينما المرأة راحتها وتنعمها محفزها للشقاء!! أرجو ان نستخلص الحكمة هنا! ومن منظور آخر نجد سنة الحياة جبلت على المشقة والكدح والكبد... وذلك من أجل (العمل) فهنيئا لمن كان عمله صالحا يدخله دار البقاء ويمتعه بالنعيم المقيم، ونحن ان تعاملنا بشيء من (الرضى) لوجدنا شيئا من الألم أو شيئا من التعاسة إضافة إلى انها طبيعة الدنيا وتعايشها، يعد ويحسب للإنسان رحمة به وتفضلا، فالضربات الموجعة ما بين الحين والآخر تجعلنا نهذب أنفسنا بأنفسنا، وأيضاً تجعلنا نتفهم ونقدر ونملك مع الوقت المهارات والقدرات التي تمكنّا من تجاوز المنعطفات بسلام وبالتالي نعمل على ايجاد اللحظات السعيدة بحياتنا.. التي لن توجد الا بالتسامح والصفح والغفران.. فالرضا هو الطاقة الإيجابية التي تحمينا من شح أنفسنا وسلبية الآخرين.. * ان شيئا من تعاسة الدنيا قد يكون أرحم من نعيمها، خصوصا على القلوب الرحيمة والرقيقة حتى تتمكن من التكيف مع الحياة فهم لا يحتملون صدمة الفراق ومعاناة الحرمان الا ان كان هناك ارهاصات من بغض!! * خلقت المرأة ووصفت (بالضلع الاعوج) وهو الحارس الأمين على سلامة القلب من أي اصطدام، فهي الأقرب للقلب هذا صحيح، ولكنها أيضاً الأكثر تحملا للألم من أجله وهنا قد يكمن شقاؤها!! * ان تطلق المرأة فذلك قدر وعليها الا تجعل من أمر أبغضه الله احتفالا!! بل رضا بقضائه، فان كان الزوج شرا لها فلتحمد الله وتشكره ان خلصها منه. وان كان ألما وحسرة على فقده، فلا تجعل من الدموع صخبا ورقصا على أذيال هزيمتها، وتهريجا وعبطا وإعلاما بمعاناتها!! فالاحتفال بهذه الظاهرة ردة فعل لما تخفي.. نسأل الله الهداية وحسن العاقبة .