تمنّى العاطلون عن العمل أن يكرّس أصحاب الخطط والإستراتيجيات جهودهم لاختراع وظائف جديدة، تستوعب طاقاتهم وإمكانياتهم، وتلبي حاجاتهم وتطلعاتهم في عملية يتم من خلالها تبادل المصالح مع وطنهم الذي هو بأمسّ الحاجة لإخلاصهم، وصدقهم، وغيرتهم. وأمام هزائمهم الوظيفية على جميع الساحات الحكومية والخاصة عُلّقت لافتة تُنبئ بميلاد أمل جديد، وحلم واعد لوظائف سهلة المتناول لا شروط لها، صاحبها غير مطالب بأي واجبات، ولا يتحمّل أي تبعات يحتاج فقط تخلل فكر النظام الاجتماعي، وإقناعه بأنه يتحلّى بصفة «عاطل» داخل إطار ديني يحترم إنسانية الإنسان، ويثير حماس قدراته الكامنة، وجعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ضمن قوانينه (دلوني على السوق)، وكان حريًا بمجلس الشورى أن يصوّت على إستراتيجية منطقية لإحلالهم محل الأعداد الهائلة من الجنسيات المختلفة، الذين يملأون أسواق العمل، ويشغلون الوظائف الحكومية منذ عشرات السنين، أو على نظام ينتشلهم من مياه بند الأجور الآسنة التي تنعدم فيها مقومات الحياة الحالية، وتغيب ملامح الحياة المستقبلية، وتهددهم بالتحويل إلى مشاريع قوائم انتظار على بوابات الجمعيات الخيرية، أو على نظام حكومي يدعم النظام الخاص لرفع الرواتب والمستحقات والضمانات المعينة بعد بلوغ سن التقاعد أو الوفاة عندما أعلنت جامعة الملك عبدالعزيز عن توفر أربعة آلاف وظيفة شاغرة، كان المتقدمون ثمانية وثلاثين ألف متقدم، فكم سيكون أعداد المتقدمين على وظيفة عاطل؟! عندما اجتاحت السيول مدينة جدة جنحت رغبة بعض الناس في الحصول على المال دون مقابل إلى النصب والاحتيال والتزوير، فهل عدد هذا البعض قابل للزيادة لينضم إلى مسيرة “عاطل المهيبة” ضمن إطار “وخُلق الإنسان ضعيفًا”؟!