بعض القرارات التي تهد ف إلى تحقيق نتائج إيجابية قد تأتي بنتائج عكسية تماماً وبالذات في مجال التربية والتعليم لحساسية هذا المجال أتذكر هنا من خلال تجربة شخصية أنه سبق أن أعدت جدارية كبيرة كتب عليها عبارات لتجديد الولاء للقادة وتتغنى بحب الوطن المجيد وأتيح للطلاب بالمدارس التوقيع على تلك الجدارية بكتابة اسمه ومدرسته وعمره المفاجأة غير السارة أن بعض الطلاب عندما سألتهم لماذا توقعون؟؟ أجابوا ((نوقع للذكرى)) فبدت الممارسة في أذهانهم وكأنها امتداد وتكريس لثقافة ((كتابة الذكريات التي يمارسها الشباب عادة بكتابة أسمائهم في الأماكن العامة)) ذكرت هذه الحساسية في مجال التربية والتعليم بعد صدور قرار إلزام طلاب المرحلة الإبتدائية بالدراسة والحضور لمدارسهم خلال أيام الإختبارات على أن يتم إستغلال حضور الطلاب لتنفيذ برامج علاجية للطلاب المتعثرين في إتقان بعض المهارات . والسؤال الذي يثار هنا ماذا عن الطلاب الذين أتقنوا المهارات ؟؟ المشكل هنا أنهم يأتون المدرسة وفي ظل إنشغال المعلمين بزملائهم ممن لم يتقن بعض المهارات يكون الطلاب المتقنين على إحدى حالتين : أما يقضون الوقت داخل الفصول وهم يشعرون بكثير من الضيق والضجر ومكبلين بالملل أو أنهم يخرجون إلى الفناء للعب ولكن دون إشراف ورقابة كافية وكلتا الحالتين لهما نتائجهما السلبية ففي حال بقاء الطالب وسط تضجره وشعوره بالملل قد تكون هذين الأسبوعين كافيين لخلق إتجاه سلبي تجاه المدرسة وقد تسبب نفوراً وعدم قبول ورسم صورة كئيبة للمدرسة علماً أن الصورة الحالية غير جيدة فتزداد قتامة وسوادا أو أن هؤلاء يتاح لهم فرصة اللعب في الفناء ووسط إشراف غير كاف لإنشغال المعلمين بالبرامج العلاجية والإثرائية لزملائهم وهذه تنحرف نحو خلق واقع سلبي وقد تكرس لقيم سلبية تجاه الوقت وهدره أو حتى بإيقاع الأذى على نفسه أو زملاءه أو حتى تعرضه للأذى في ظل عدم كفاية الإشراف والمتابعة فضلاً عن أن المدرسة في هذه الفترة تبدو مرتبكه وغير قادرة على إستيعاب الحدث وإدارته فتظهر لولي الأمر وللطالب نفسه بمظهر الضعيف المرتبك المهزوز غير القادر على التعامل مع الواقع بثقة وهذا الحال يخلق ثقافة غير مرغوب فيها ويكرس للمدرسة صورة غير محببة لا ترضاها كمؤسسة مهمتها شيوع ثقافة النظام والتنظيم والإنضباط وتؤسس لمفاهيمه عبر ممارسات وإجراءات تظهره كمخرج لعمليات عدة تجري داخل المدرس لاشك أن واقع المدارس مع هذا القرار بدا مرتبكاً جداً ولاينبيء عن مؤسسة فاعلة قادرة على التعامل مع الأحداث بإبتكار حلول ناجعة تمنع هذا الإرتباك وهنا هو دور المدارس ذاتها فلا أُخال مدارسنا بقياداتها التربوية تعجز عن إبتكار طرائق وتصل إلى حلول تقلل من ألأثر السلبي لمثل هذا القرار وما شاكله ونحن بالفعل نطمح إلى وجود مدارس تستطيع أن تتعاطى مع أي قرار يصدر بعقلية ناضجة قادرة على أن تقلل من آثاره السلبية وإنجاحه مهما كانت فرص النجاح قليلة للقرار وعلى الإدارات التعليمية أن تعمل على إيجاد بيئة قادرة على خلق هذا الإبداع الذي نطالب به إدارات المدارس من خلال تشجيع الممارسات التي قد تنتج حلولاً أصيلة ومبتكرة وعملية مثل : ((الدعوة لعقد ورش عمل وحلقات نقاش )) يشارك فيها الميدان التربوي(( معلمين ومشرفين ومديري مدارس)) أو إيجاد حاضنات للأفكار ((تستقبل مختلف الأفكار وتصنفها وتطبق العملي منها وتكرم أصحابها)) وعلى الوزارة أن تكون حفية بكل الممارسات والتجارب الناضجة وإثارة روح التنافس بين الإدارات من خلال تعميم التجارب الناجحة وتكريم الإدارات ذات الجهود المتميزة ،،