يظل الحرم المكي الشريف (وكذلك الحرم النبوي الشريف) الشخصية المحورية والنقطة المركزية في هيكل العمل الاسلامي فبقدر ما يطرأ على الحرم المكي الشريف من اضافات ايجابية او لمسات تطويرية وتحسينية بقدر ما ينعكس ذلك على المسلمين في داخل المملكة وخارجها من ارتياح وسرور لمدى ما بلغه الحرم المكي من شأوٍ يتسامى به على كل موضع وكل منشأة سواه. فهو كما يمثل نقطة التوجه لجموع المسلمين في اصقاع الارض لاداء صلواتهم يمثل نقطة التفاف في الداخل حيث تتضافر الجهود ويدعم الدولة المواطنون في مضيها نحو توسعة وتحسين وتطوير اجهزة الحرم المكي بما يخدم المصلي والحاج والمعتمر في اداء نسكه في يسر وسهولة ودون اضطراب أو تزاحم. فلقد لمست مؤخرا مدى ما طرأ من تحسين على سبيل المثال في توزيع السماعات داخل المسجد الحرام استنتاجا من نقاء الصوت وصفائه داخل رحاب الحرم وللأمانة فانني لا اعلم عن درجة النقاوة في الأروقة والمسعى ولكن وضوح الصوت اثناء قراءة الإمام داخل الحرم يبعث على الراحة والطمأنينة ويتيح فرصة الاصغاء والمتابعة للامام وهو ما يشي بأن التحسن يشمل الاروقة والمسعى والمناطق المحيطة والمتاخمة لابواب الحرم. كما اقترن بتوسعة المسعى اضافة خطوات تطويرية ليس في ساحة المسعى فحسب بل بتصميم ممرات تسمح لمن اراد دخول الحرم ان يمر عبرها ليصل الى عرصات الحرم وصولا الى المطاف دون المرور بالمسعى وهي قضية جوهرية تمثل حلاً مثالياً لاشكالية متزامنة حينما كان يصطدم من يهم بالخروج من الحرم وكذلك من يزمع الدخول اليه بمن يسعون بين الصفا والمروة حيث تتناظر الابواب الداخلية للحرم مع الابواب الخارجية على المسعى. فتمت معالجة ظاهرة التصادم والالتحام وما يتبعها من تعطيل او إيذاء بإيجاد ممرات انسيابية تحت المسعى زودت بسلالم كهربائية اضافة الى السلالم او الدرج المعتاد وكلها امور ايجابية نسأل الله ان يجعلها في موازين من تصدوا لهذا العمل الديني والحضاري الجليل غير انني اتساءل عن مدى معالجة فكرة تدفق السيول فمكةالمكرمة تشكل واديا هو وادي ابراهيم الخليل عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام والسيول تصب عادة من اعالي مكة وتتجه صوب اسافلها وفي السابق كانت السيول تمر عبر نفق يحاذي منطقة الصفا ولا نعلم الكيفية التي تمت بها معالجة مخاوف تدفق السيول في المرحلة الحالية وان كنا على ثقة بأن وضع هذه الممرات يتعين ان يرافقه اسلوب علمي لتصريف السيول دون ان تتدفق الى هذه الممرات التي ستعج بالناس خاصة في مواسم الحج والعمرة. نقطة جوهرية اود ملامستها وتتعلق بالإبقاء على استخدام العربات في المسعى لنقل المرضى وكبار السن في سعيهم بين الصفا والمروة. واتساءل ألا يمكن الاستفادة من المعطيات العلمية لتجنب كثرة هذه العربات خاصة في موسمي الحج ورمضان حيث يكثر المعتمرون ولا مناص من وجود تماس بين الساعين من الراجلين وهذه العربات التي يتسابق اصحابها لتحقيق معدل أعلى في عدد مستخدميها حرصا على المكاسب المادية وربما أفضى ذلك الى إيذاء الساعين. وربما كانت فكرة (التلفريك) تشكل حلاً مثالياً مغرياته ترتفع عن مستوى السعي ولا تسهم في خلق حالة من الارتباك والفوضى كما انها لا تسهم في إيذاء الساعين من خلال صدمهم أو الارتطام بأقدامهم واجسادهم. واذا زعم احدهم بأن تخوف كبار السن من ركوب العربات المعلقة (التلفريك) لعدم اعتيادهم عليها فبوسعنا جعل العربات في مسار على غرار القطارات تمر فوق قضبان على مسار ومضمار محكم من جانبيه وكذلك ارضيته فيصبح هذا المسار محدداً لعربات تنقل المرضى وكبار السن في مستوى يقترب من سقف المسعى وينأى عن زحام الساعين وبالوسع جعل ذلك في كل دور من ادوار المسعى أو في الدور الثاني حسب الدراسات واعتمادا على الطاقة الاستيعابية ومتوسط عدد مستخدمي العربات في الاحوال العادية والمواسم. انها مجرد فكرة تخضع للدراسة لمعالجة وضع قائم لتحقيق رغبة فئة تعوقها الظروف الصحية عن المشي وفئة اخرى تنشد السلامة أثناء أدائها النسك. كما أنها تشكل مظهراً متطوراً يستفيد من المنجز الحضاري والعلمي في خدمة الأهداف الدينية كما نستفيد منه في كل مجال جعل الله مساراتنا نحو الخير دائما .