عجيب أمرهم! لديهم قدرة خارقة، وإبداع رائع في اختراع المصطلحات التي تتناسب -من وجهة نظرهم - مع أحوالهم، وتوافق هواهم ونزعاتهم في المواقف التعليمية المختلفة، وما يتعلّق بها، وكأنهم يخترعون لغة خاصة تلتصق بالظروف المحيطة بهم، وتصف جسد أيامهم وصفًا دقيقًا يتيح للآخرين معايشتها معايشة حقيقية، ومن آخر مصطلحاتهم “الأسبوع الميت” بداية لم يكن لديّ تفسير واضح لهذا المصطلح، الذي تبادله الطلاب كحقيقة مسلّمة لا شيء فيها، فسألتُ.. ليكون تفسيره الأسبوع السابق لأسبوع الامتحانات مباشرة، أدركتُ أنّ هناك جريمة أو شبه، فك ألغازها، وكشف أسرارها يتطلّب الإجابة عن عدّة أسئلة: مَن؟ وما؟ ومتى؟ وكيف؟ وأين؟ ولماذا؟ وجاءت الإجابات ولكنها لم تضع تبريرًا منطقيًّا لموت هذا الأسبوع المغدور، فالطالب بأمسّ الحاجة إليه في ظروف فصل دراسي متوتر ومضطرب، افتتحته أنفلونزا الخنازير، وتوسطته كارثة فيضانات جدة، ثم اختتامه بموت مفاجئ لأحد أسابيعه قبل أن يتهيأ التلاميذ لهذا العدوان والتحدي على حقوقهم المشروعة، أكاد أجزم أن مساهمين كثرًا اشتركوا في إزهاق روح الأسبوع المسكين، وشيّعوه على مصلحة كل طالب، واشتروا كفنه من حساب المعلومات والمستوى العام، وقد كان حريًّا بالمربين والمربيات أن يتداركوا الأيام المهدرة، والأسابيع الضائعة. لم يكن ليعجز وزارة التربية والتعليم اختصار الأسابيع الدراسية، ولا تجهل لغة العد لتزيد أسبوعًا من المفترض أنه غير موجود، أمّا الأقلام والوعّاظ والمصلحون فسئموا تكرار الحديث عن الأمانة، والمسؤولية، والإخلاص، أمّا الضحية -الطالب- فأمامه قلعة عظيمة لمستقبل مأمون لكنّ مفاتيحها مفقودة.