يناقش 2500 شخصية من اصحاب القرار في المجالات السياسة والاقتصادية وعلى مدى خمسة ايام ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» في الاجتماع الاربعين والذي انطلق امس سبل هيكلة أسواق المال العالمية واستراتيجيات خلق الوظائف ودفع الاقتصاد العالمي. في المقابل حذر قادة أعمال عالميون الحكومات الغربية امس من أن حملة تحظى بتأييد شعبي للتضييق على القطاع المالي قد تعرقل تعافيا اقتصاديا هشًا من أسوأ ركود منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وجاء رد الفعل المشوب بالقلق على خطط الرئيس الأمريكي باراك أوباما لفرض ضرائب وقيود على البنوك الكبيرة في أول أيام المنتدى الاقتصادي العالمي أمس وهو اجتماع سنوي لنحو 2500 من رجال الأعمال وصناع السياسات يستضيفه منتجع دافوس السويسري. وأظهرت دراسات أعدت للمؤتمر السنوي ارتفاع الثقة الاقتصادية العالمية بعد تدهور عميق في 2009 وعودة حذرة إلى تشغيل عاملين ولاسيما في الأسواق الناشئة. لكن شبح التنظيم الرقابي والتدخل الحكومي الصارم في الاقتصاد هو السحابة الأكبر في أفق الكثير من رجال الأعمال. وقال دينس نالي رئيس برايس-ووتر-هاوس كوبرز (بي.سي.دبليو) لإدارة الحسابات "سيكون أمرا مؤسفا لو أن الاصلاحات التنظيمية الوشيكة استندت إلى رسالة تسترضي الرأي العام." كان أوباما أحدث صدمة في الأسواق في 21 يناير عندما أعلن عن مقترحات لاجبار البنوك التجارية على قطع صلاتها بصناديق التحوط والاستثمارات الخاصة ووقف التداول لصالحها الخاص في الأسواق وأن يدفع القطاع المالي مقابل إنقاذ ضخم موّله دافعو الضرائب. وقال نالي: "للأسف ما نراه هو عدد من الخطوات التي اتخذت بدرجة كبيرة من جانب كل بلد على حدة" محذرا من "تداعيات غير مقصودة". واضاف: "رأينا هذا في الولاياتالمتحدة ورأيناه في بريطانيا وفي أجزاء من أوروبا. الأمر لا يبعث على الدهشة نظرا لدرجة الانفعال بالأحداث ورغبة الناس في اتخاذ اجراء." وعارض بوب دايموند رئيس باركليز جهود أوباما للحد من حجم البنوك الكبيرة وقال خلال جلسة للمنتدى :"لم أر أي دليل ... على أن تقليص أحجام البنوك هو الحل. "إذا رجعت خطوة للوراء وقلت إن الحجم الكبير أمر سيء ... فإن تأثير ذلك على التجارة العالمية وعلى الاقتصاد قد يكون سلبيا جدا." وأظهرت دراسة أجرتها بي.سي.دبليو انتعاش الثقة بعدما عانى النشاط الاقتصادي من أعمق هبوط منذ الحرب العالمية الثانية مما يدفع المزيد من قادة الصناعة إلى معاودة تعيين موظفين. وشملت الدراسة 1200 رئيس تنفيذي من 52 دولة وأظهرت أن 39 بالمئة من الرؤساء التنفيذيين يسعون لزيادة العاملين في 2010 في حين يعتزم 25 بالمئة خفض العمالة بانخفاض بنحو النصف في أعداد الراغبين في خفض العمالة عن العام الماضي. غير أن خطط التعينات الجديدة مازالت محدودة وتتركز بدرجة كبيرة على اقتصادات ناشئة مثل الصين والهند بدلا من الدول المتقدمة. ولاقت مقترحات أوباما لفرض قيود على وول ستريت دعما متحفظا من حكومات أوروبية لكن مسؤولين قالوا إن الاتحاد الأوروبي لا يعتزم أن يحذو حذوه. ومن شأن هذا أن يعقد جهود بناء إجماع عالمي بشأن قواعد التنظيم المالي داخل مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسية. وهون رئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه من شأن الخلافات بين ضفتي الأطلسي وأبلغ وول ستريت جورنال أن الاصلاحات الأمريكية المقترحة "ذات صلة ومثيرة للاهتمام" وتشترك في الأهداف مع اجراءات أوروبية. وقال "إنها تتفق في توجهها مع موقفنا وتحديدا فيما يتعلق بضمان أن يركز القطاع المصرفي على تمويل الاقتصاد الحقيقي وهو دوره الرئيسي." لكنه دعا إلى التنسيق لتفادي خلق ثغرات في النظام المالي العالمي. وفي تصريحات انسايدر قال كلاوس شواب المؤسس الألماني لمنتدى دافوس الذي يحتفل هذا العام بمرور 40 سنة على إطلاقه إن الحكومات أبلت بلاء حسنا للحيلولة دون سقوط الاقتصاد في الهاوية العام الماضي لكن مهمة صعبة تنتظرها. وقال "ينبغي أن نمضي إلى أبعد من ذلك بكثير في نمط من الرأسمالية الأقرب إلى حامل الأسهم .. ينبغي أن نعيد تصميم نظامنا وأن نعيد بناء مؤسساتنا وهذا ما نريد القيام به هنا." ولا يشارك في منتدى دافوس هذا العام بعض أكبر المصرفيين في العالم مثل لويد بلانكفاين الرئيس التنفيذي لجولدمان ساكس وجيمي ديمون من جيه.بي مورجان تشيس. لكن من المقرر أن يحضر الرئيسان التنفيذيان لاثنين من أهم البنوك الأمريكية التي تدخلت الحكومة لإنقاذها وهما فيكرام بانديت من سيتي جروب وبراين موينيهان من بنك أوف أمريكا. وقد يواجهان وقتا عصيبا ليس من جانب الساسة فحسب بل من بعض قادة الأعمال الآخرين أيضا. وقال يورجن أولي هاليشتاد الرئيس التنفيذي لشركة يارا انترناشونال ايه.اس.ايه النرويجية أحد أكبر منتجي الأسمدة في العالم "أعتقد أن الجشع ساد في الأعوام القليلة الماضية. في بعض المؤسسات المالية تتدفق أموال طائلة على عدد كبير من الشبان الذين لا يضيفون قيمة تذكر." وكان اجتماع دافوس الماضي ركز في اعماله على الازمة المالية العالمية ومخاوف غرق العالم في الكساد وتدخلت بعد ذلك حكومات العالم وبنوكه المركزية بكل ثقلها لانقاذ البنوك ودفع الاقتصادات المحلية. ويشارك في أعمال دافوس في دورته الاربعين 30 رئيس دولة وحكومة من بينهم الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا ونظيره المكسيكي فيليب كالدرون والرئيس الجنوب افريقي جاكوب زوما والرئيس الافغاني حميد كرزاي ورئيس وزراء اسبانيا ثاباتيرو.