الإسقاط حالة نفسية في الأساس؛ لكنها انتقلت إلى الحياة وإلى الأدب، ودخلت في الحليل الفنّي لشعر الشعراء، وإبداعات الأدباء..! وهي تظهر أكثر ما تظهر من خلال إسقاط مفهوم الفلسفات والاتجاهات الفلسفية على الشعراء..! فعلى سبيل المثال: الشاعر الجاهلي الشاب “طرفة بن العبد البكري”.. الذي تميّز “بالتمرّد”، ولم يكن هذا التمرّد إلا وليدة ظروف نفسية اجتماعية مجتمعة تتمثّل في الظلم الذي تعرّضه في صغره، وكان - يتيمًا - من أعمامه الذين الذين سلبوه حقّه وماله، فكانت ردّة الفعل الإنسانيّة والنّفسية أن يصبح حاد المزاج، متمردًا، معتدًّا بذاته؛ ولكن بعض المحلّلين يسقط عليه مذهب الوجودية، فهو شاعر وجودي ظهر في العصر الجاهلي..!! والوجودية جاءت من خلال خروجه “فردًا” على المجتمع، وتمرده.. هذه حالة إسقاط أولى.. والحالة الثانية: تظهر في الشاعر العبّاسي “أبي تمّام”، أبرز الشعراء المجدّدين في عصره؛ فهو من خلال منظور شكلاني فذ لأنه اعتمد الشكل أصلاً في التشكيل، ولأنه استخدم التضاد بشكل من - خلال الإسقاط - يونه بديلاً أو مقاربًا للجدل، أو مصطلح “Dialectique”.. وهذه حالة إسقاط ثانية..! والحالة الثالثة تتمثّل في حماس سهيل إدريس صاحب دار الآداب ومجلة الآداب البيروتية لطباعة رواية “أولاد حارتنا” باعتبارها “إبداع وجودي متميّز”.! ولكي ندرك تعدّد الإسقاطات بين الفني والآيدلوجي نتذكّر مديح الفيلسوف الوجودي “جان بول سارتر” للثائر اليساري “تشي جيفارا” في منتصف الستينيات، باعتباره: “حالة وجودية نادرة”..! وهكذا تتعدّد الأسباب والهدف واحد: الإسقاط والتبرير للظاهرة بطريقة فيها من الالتفاف ولي الأعناق والأكتاف والأرجل الشيء الكثير..