ليس بغريب أن يحصد الفنان التشكيلي على مرزوق (سعفة البحرين الفضية) بل هذا أقل مما كان متوقعا له، فنحن مجموعة التشكيليين الذين نعرفه عن قرب كإنسان وفنان - أو كإنسان فنان بمعنى أصح- نبارك له هذا الفوز التشكيلي الذي يسعد الفنان بوصول عمله إلى المتلقي، وعلي مرزوق أحد فناني منطقة عسير المتميزين، والأكاديمي الذي جمع بين عمق الفكرة وحرفية الخامة في أعمال تشكيلية جمالية تجمع بين التسطيح والتجسيم أو كلٍ يظهر لحاله في أعمال تشكيلية مستقلة، فمنذ عرفته من عدة سنوات وإصراره على توظيف الخامات بتقنياتها وجمالياتها يتزايد وتحدياته لها وإصراره على تحقيق القيم الزخرفية والتعبيرية يتزايد توافقًا مع مسيرة الفنون التشكيلية العالمية التي تقوم على تحقيق القيمة الزخرفية في فنون تشكيلية قوامها التشكيل الزخرفي، من تلك الاتجاهات العالمية التي تقوم على ذلك الفكر اتجاه الفن الجديد (آرت نوفو) والفن الزخرفي (آرت ديكو)، وهذان الاتجاهان من اتجاهات الفن التشكيلي ما بعد الحداثي القائم على التشكيل الزخرفي. إن فكرة تحرير العمل الفني التشكيلي من قيوده السابقة قد راودت الكثير من الفنانين المحليين والعالميين ولكن صعوبة التحول من الأصول التشكيلية التقليدية إلى الترميز والمفاهيمية قد تعوق الاستمرارية في ذلك، لذا يحسب للفنان الذي يصر على تحقيق التواصل الفكري والتقني ذلك الجهد وتلك المعاناة. إلا أن الكثير من الفنان التشكيليين قد يقع في هوة صعبة بالنسبة له حيث ينساق وراء محور واحد يتحدد في تحقيق قيم تختص بتوظيف التقنية دون الوعي إلى الفكرة وأهميتها وموقعها أو ما يمكن أن نطلق عليه المحور العقلي في العمل الفني التشكيلي. والفنان علي مرزوق واحد من الأكاديميين الذين اهتموا بدراسة الموروثات التقليدية في منطقة عسير، أي أنه بذلك يمتلك فكر تراثي جمالي عاشه وعايشه ودرس وهضم مفرداته التي أصبح يمتلك أدوات التعبير عنها.. وإضافة جوانب من التعبير عليها مما يجعلها سهلة الوصول إلى مشاعر ووجدان المتلقي. إن تجربة علي مرزوق الحالية تتلاقى فيها عدة محاور لتحقيق مجموعة من القيم الجمالية، من تلك المحاور الخامات ممثلة في الأسلاك وقطع الصاج والمعادن المختلفة، إضافة إلى اللون بوصفه ممثلاً للجوانب التعبيرية في العمل الفني. وتلك الخامات قد أحالت الأعمال من كونها إبداعات تشكيلية مسطحة إلى أعمال فنية مجسمة تخترق الفراغ المحيط، محققة قيمًا جمالية. لقد تحوّل الشكل إلى كتلة والأرضية إلى فراغ، فتخلل ذلك الفراغ حدود العمل محقّقًا إحساسًا جماليًّا رسم لحركية عين المشاهد مسارات تتحرك وفقها لقراءة العمل الفني والتعايش الجمالي مع مكوناته. وأخيرًا.. إن تجربة علي مرزوق تحسب له إبداعيًّا.. حيث تتوازى في قيمتها التشكيلية والجمالية مع الفنون العالمية التي تقوم على الجمع بين جماليات الخامة وعمق الفكرة في إطار تجريبي جمالي محكم يحمل من المعاني والأفكار ما يرتقي به.