جاءت مرحلة جديدة تفاءل بها الجميع، انضوت فيها الأندية الأدبية تحت وزارة للثقافة والإعلام، وحدثت تغيّرات إيجابية نوعًا ما، ولكنّ الساخطين ظلّوا على سخطهم، بل زادوا عندما أُتيح لبعضهم فرصة العمل الإداري في الأندية أن أحدثوا من الخلافات، وفرّغوا من الشحنات ما الله به عليم!! حتى تعطّل بعض عمل هذه الأندية بسبب هذه الخلافات الهامشية. والواضح أنه إذا تجاوزنا الجزئيات والأشخاص، فإن هناك قصورًا واضحًا في عمل الأندية الثقافية، يكمن في نظامها، ولوائحها، ومقراتها، والنظرة للنادي الثقافي بصفة عامة.. وحتى لا نشخّصن المسألة، فإن معظم مسؤولي الأندية الثقافية في تصوري بريئون من تهمة القصور، وإعاقة العمل الثقافي، بل إنهم يتحمّلون من النقد ما تنوء به الجبال!! فهم مجتهدون على قدر المتاح من الإمكانيات المادية والإدارية والتنظيمية، وأنشطة النادي تسد الغرض، لكنها تواجه معضلة حقيقية ليس للأشخاص علاقة بها.. فأول ما يواجهها قبل اللوائح والأنظمة والدعم المالي هو عجز مقراتها على القيام بالدور الذي تطمح إليه.. فمثلاً نادي مكة الثقافي حصل على أرضه الحالية من تبرّع كريم من أحد رجال الأعمال، وهو في وضعه الحالي لا يرقى إلى مدينة بمكانة مكةالمكرمة، هذه المدينة التي تكاد تتحوّل إلى ورشة عمل كبرى، تعيد صياغة نفسها إلى ما هي أهل له نحو العالم الأول، يدفعها إلى ذلك حماس أميرها المثقف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، ودعم القيادة الرشيدة لهذا الحلم الكبير. ورغم أن نادي مكة الثقافي حصل قبل (12) عامًا تقريبًا في مؤتمر الأدباء الثاني على بشرى بإنشاء مقر له بمبلغ (50) مليون ريال!! إلاّ أننا لم نشاهد منذ ذلك التاريخ سوى أرض مسوّرة على الطريق الدائري الثالث، عليها لوحة تشير إلى ملكية النادي.. ولا أعرف الخلفيات التي حالت دون إتمام المشروع، ولكني أعرف أن مكةالمكرمة قبلة المسلمين، والإشعاع الذي أسفر على الكون كله، ورائدة الثقافة في المملكة تحتاج إلى منشأة تكون مركزًا ثقافيًّا يليق بها، ويمثل تراثها العريق.. وهي تحلم بمعلم حضاري وثقافي لها وللملايين من زوّارها يحتوي على مكتبة عامة رقمية ضخمة تضم قسمًا للمخطوطات، وآخر للعائلة، وللأطفال، وطلاب المدارس وكذلك متحفًا ومسرحًا وقاعات للمحاضرات على أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا العرض والاتصالات والمعلومات، ودارًا للنشر... الخ عندها يرقى فعلاً إنسان مكة قبل حجرها نحو العالم الأول.. وأتصوّر أيضًا أن معالي وزير الثقافة والإعلام وهو الشاعر المكي المبدع جدير بأن يحل مشكلة مقر نادي مكة، وأن يسعى لا إلى إنشائه فقط، بل إلى تحويره وكافة الأندية الثقافية في المملكة إلى مراكز إشعاع ثقافية كبرى تليق بمكانتنا وثقلنا الدولي، وإلاّ فإن علينا أن لا نطلب من الأندية الثقافية أكثر ممّا تقدّمه الآن في ظل عجز الإمكانيات واللوائح والمقرات عن تقديم ثقافة مجتمعية تصلح للألفية الثالثة!! [email protected]