نصّ محور القطاع الخاص ضمن إستراتيجية تنمية مكةالمكرمة على ما يلي: نشر وتفعيل ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد، ومؤسسات القطاع الخاص، وخمس نقاط جوهرية تتعلّق بتفعيل القطاع الخاص في تنمية قطاع التعليم والتدريب، ومشاركة القطاع الخاص في مشاريع المنطقة التنموية بنسبة لا تقل عن 40%، وتحفيز إنشاء المشاريع المتوسطة والصغيرة، وتطويرها، والترويج لمكةالمكرمة كعلامة تسويقية، وتحسين المناخ الاستثماري بمنطقة مكةالمكرمة؛ لتكون الخيار الأفضل للاستثمار، ونأخذ هنا ما يخص المسؤولية الاجتماعية التي جاءت في مقدمة محور القطاع الخاص إدراكًا من إمارة المنطقة للأهمية البالغة لهذه الثقافة. فإذا ما سادت في مجتمع ما صلح كثير من أمور المجتمع، وأصبحت مؤشرًا وسمةً حضارية تعتز بها المجتمعات الراقية، الحياة أخذٌ وعطاءٌ، فلا خيرَ في فرد يأخذ ولا يعطي إلاّ القليل، إنه التزام أدبي وخلقي، وقبل ذلك هو ديني، وقد كان الأوّلون يحبسون أموالهم، ويوقفون ممتلكاتهم لأهداف متعددة، منها الرعاية الصحية، والتعليم، ورعاية الأيتام وكبار السن، ونشر العلوم، وغير ذلك ممّا يصعب حصره. وفي سنوات التنمية في بلادنا قدّمت الدولة العديد من القروض لبناء المستشفيات والمنشآت الصناعية، وقروضًا استثمارية متنوعة، وتسهيلات لتشجيع الأفراد والشركات على الاستثمار، كان لابد أن يقابل هذا العمل بنشاط ملحوظ في المسؤولية الاجتماعية، فالقروض -ومعظمها بدون فوائد- مكّنت هؤلاء الأفراد والمؤسسات من تحقيق مكاسب كبيرة، وهذا حقهم وجهدهم ينبغي أن يقابله تخصيص مجموعة من الأسِرَّة في المستشفيات للعلاج المجاني للمحتاجين، أو تخصيص منح دراسية في الجامعات أو الكليات التي استفادت من قروض الدولة، ويسري هذا على كل الجهات والمنشآت التجارية والصناعية، حتى ولو لم تحصل على قرض، فإنها حصلت على ما هو أكثر من ذلك، وهو الإمكانات التي هيّأتها لها الدولة لممارسة أنشطتها دون أن تحملهم أية ضريبة، بل إن هناك إعفاءً جمركيًّا عن بعض السلع، أمّا البنوك التي تربح الكثير الكثير، وتنفق القليل القليل على ما يُسمّى بالمسؤولية الاجتماعية، فتقع عليها مسؤولية خاصة؛ لأنها بنوك مدلّلة في بلادنا. فالمناخ الذي هُيّئ لها لن تجده في أي مكان في أرجاء الدنيا قاطبة، وعليها أن تستشعر مسؤوليتها نحو مجتمعها، ولا يمكن التصديق بما يردده البعض بأن إحجام البنوك عن النفقة ناجم عن عدم موافقة أعضاء مجلس الإدارة بها إلاّ بتخصيص النتف اليسير من أرباحها، والاستئثار ب99.5%. في هذا المقام لابد وأن نشير بالتوجّه الجديد والمتنامي من قبل بعض الأفراد والمؤسسات والشركات التي ساهمت في نشر وتفعيل ثقافة المسؤولية الاجتماعية أذكر منها ما علق بذاكرتي شركة دلة وصافولا وسيدكو ومجموعة فقيه وغيرهم، ومن البنوك البنك الأهلي وبنك الجزيرة وبعض البنوك تسهم بسيف الحياء، أو ممّن تخشى نفوذهم، والمؤمل هو الإفصاح عن النسبة المقدمة للمسؤولية الاجتماعية، وتقديم سياسات شفافة في هذا السبيل، كما هو الحال في شركة صافولا، كما لابد أن نحيي الغرفة التجارية والصناعية في مكة، وفي جدة تحديدًا على مواقفهما المشرفة، وإسهامهما الفعلي في نشر وتفعيل ثقافة المسؤولية الاجتماعية. إن مجتمعنا في منطقة مكةالمكرمة يعلّق الكثير من الآمال على إستراتيجية تنمية المنطقة التي ترعاها إمارة منطقة مكةالمكرمة، والاهتمام البالغ بكل محور من المحاور، وفي مقدمتها المسؤولية الاجتماعية، فهي كالمضغة في الجسد، ولنا وقفة أخرى فيما بعد.. وبالله التوفيق. [email protected] فاكس: 6980564/ 02