يقول الشاعر: أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وأقول بصفتي من سكان جدة: ما أسوأ العيش في جدة لولا فسحة الآمال، وإن كانت يقينًا مجرد أوهام وخيال. الأحلام كثيرة، وأكبرها الأمل أن لا تكون جميعها أضغاث أحلام، وأن لا نجد إلاّ القائلين: (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين). ومن الأحلام ما يُعد حقيقة قديمة أو حديثة في بلاد الله المتقدمة، ومنها ما يظل حلمًا قريبًا من الواقع في بلاد أخرى شبه متقدمة، لا تملك ربع ثرواتنا ولا عشرها. لكنه الفساد لعنه الله أينما حل، وجازى أصحابه أينما كانوا بما يستحقون. هذه قائمة من أضغاث الأحلام التي تعكر عليّ منامي كثيرًا هذه الأيام. الحلم الأول: أن أستيقظ يومًا وقد خلت جميع فواتير الجوال المسجلة باسمي من الأخطاء الفادحة التي تحمّلني فوق طاقتي نفسيًّا وماليًّا، والتي تثبت أن الذي يجري غير معقول، ولا مقبول في أشد الدول تخلّفًا. ولو حدث عُشر هذا الذي يجري في دولة متقدّمة (وهو لا يحدث أبدًا) لطارت رؤوس، ورُفعت دعاوى بتعويضات قد تفلّس معها الجهات المعنية، لكن بصراحة ما عندك أحد، فافعلوا ما شئتم. الحلم الثاني: أن أستيقظ وقد رأيت القطار الذي ينقلني من جدة إلى المدينةالمنورة في ساعة واحدة لا غير. وهذه الصين تطلق مؤخرًا أسرع قطار في العالم بمتوسط سرعة 350 كم في الساعة، وسرعة قصوى تقارب 400 كم في الساعة. كفاية علينا قطار بسرعة 100كم... بس يتحقق الحلم الذي امتد لأكثر من 40 سنة. الحلم الثالث: أن استيقظ وقد اختفت باصات (الأنيسة) المهترئة من شوارعنا، فهي تمثل وسيلة المواصلات العامة الوحيدة، وهي تعكس حال (السياحة)، وحال (التقدم)، وحال (العاجز عن تقديم حل). إنها -والله العظيم- فضيحة بكل المقاييس.. باصات متخلّفة قديمة، وكأننا نعيش العام 1950 لا العام 2010م. ترى الأحلام كثيرة، وعند أهل جدة أكثر وأكثر. [email protected]