بعض السياسات الإدارية لا تغير العصور شيئا من خطوطها ، ولا تستبدل آثارها وإن تحطمت أجزاؤها ، وتناثرت كقطع ليل يئس من قدوم الفجر ، تبدأ مولودة متعثرة ثم تنمو وترتكب في مراهقتها وشبابها الخطايا وتثقلها الأوزار ثم تشيخ وتنضج ولا تفكّر في التخلُص من أوزارها والتكفير عن خطاياها ، تمرّدت فتيات الدار الاجتماعية بمكة المكرّمة ، اعترضن في لحظة ،وسرن ضد جاذبية المديرة أو المسئولة فوقف كل من له علاقة بالموضوع ضد مغناطسيتهن المتمردة المنفلتة من عقال الثورة والغضب ، فأعلنت الأصوات المرتفعة إجماعا على أنّ مديرة الدار إدارية ناجحة لا تدور حولها الشبهات ، ولا يمكن التفكير ولو للحظة واحدة فيما إذا كانت الفتيات على حق ، ولست أدّعي غير ذلك أو أعترض عليه لأني لا أعرف عن الموضوع أو الأشخاص غير ما قرأت على أوراق الصحف ولكني أعترض وبشدة على سياسة لا بد أن تتغير ، سياسة الصور الثابتة التي لا تهتز ، وكأنها القوانين السماوية أو المعادلات الرياضية التي لا تقبل الاحتمالات ، وسأقف بعيدا عن الأشخاص في هذه الحادثة لأهمس للمسئولين على مستوى الإدارات والوزارات أنّه ليس من الضروري أن يكون الطرف الأقوى أو الطرف الموكل إليه العمل هو الوحيد المسموح لصوته بالمرور عبر القنوات الآمنة ، وهو الوحيد صاحب الشكاية الصحيحة ، فكل الأصوات لها نفس الحق في الاستماع لها ، وإخضاع مضامينها لمنطق يقبل ويرفض بمعيار عادل ، فقد عايشت وعايش غيري صورا قاسية ومؤلمة من ظلم سقط تحت وطأته الأبرياء ، وضاعت في تضاعيفه حقوق ، لا لشيء غير أنّ صوت الحق كان ضعيفا خافتا لم يُسمح له بالمرور والارتفاع . نياشين الثقة جميلة ورائعة ولكن تقليدها للآخرين بحاجة لكثير من الدقة والمراقبة ، في مجتمعنا نحكم على بعض الفئات بأنّ ليس من حقها القيام بأي عمل رفضي أو إصدار أي لائحة اعتراضية وإن كان على حساب حقها في ممارسة حياتها بشكل طبيعي ، أو الدفاع عن إنسانيتها الآخذة في الذوبان والتلاشي . لحظة التمرد بحاجة لأن تصحبها وقفة للتغيير من أجل التغيير الإيجابي الفاعل .