أأنس كثيرا عندما أسمع صوت القارىء زكي داغستاني وهو يجول بين ذبذبات الأثير أو في وصلات الانترنت . فتلك الروابط التي أشاهدها في الانترنت أحاول أن أفكّ شفراتها مرة ومرتين من أجل أعطرّ مسمعي بذلك الصوت العذب . زكي داغستاني عشقت صوته كثيرا وقد حاولت أن أجمع بعض المعلومات التي كانت غائبة عني عن ذلك القارئ وإليكم ما بحثت عنه ووجدته .. فالشيخ محمد زكي بن عمر داغستاني المعروف بالشيخ زكي داغستاني من مواليد مكةالمكرمة عام 1345 ه، 1925م أصيب بمرض الجدري الذي أفقده البصر وعمره سنة ونصف. وقد زامله عدد من القرّاء أبرزهم الشيخ عباس مقادمي، والشيخ سراج قاروت، والشيخ محمد الكحيلي والشيخ زيني بويان، والشيخ جميل آشي ( يرحمهم الله تعالى). كان يدرس القرآن الكريم بالحرم المكي الشريف، وفي عام 1382ه عين معلماً لمادة القرآن الكريم بوزارة المعارف السعودية في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم الابتدائية (تسمى حالياً مدرسة الشيخ عبد العزيز بن باز لتحفيظ القرآن الكريم) وتخرج على يده عدد كبير من حفظة كتاب الله، وهم ينتشرون الآن في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية وكثير من البلدان العربية والإسلامية، ومنهم: محمد أيوب يوسف، عبد الله نذير، عبد الغفور عبد الكريم عبيد . اشتهر الشيخ زكي داغستاني بشخصيته المعروفة في التعليم والإعلام، وله نشاط واسع ومشاركات فاعلة في الإذاعة والتلفاز والاحتفالات الملكية الرسمية، حيث كان من القراء الأوائل بالمملكة العربية السعودية، عرفه الكثيرون من خلال صوته المتميز بالقراءة الحجازية المشهورة، وكان يؤكد دوماً لطلابه على ضرورة تطبيق أحكام التجويد في قراءة القرآن الكريم، ويرى أن المقامات مكملة ومحسنة للتلاوة ويفضل تعليمها حتى يستطيع القارئ المحافظة على الأوزان والطبقات الصوتية أثناء القراءة، وينصح طلابه دوماً بضرورة المراجعة المستمرة للقرآن الكريم، ويذكرهم بالحديث النبوي ( تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ) رواه مسلم . أصيب الشيخ زكي داغستاني بمرض الشلل الرعاش في عام 1405 ه الموافق 1985م، وعانى منه الكثير لعدة سنوات وجعله ذلك ينقطع عن الناس وخاصة في السنوات الأخيرة من عمره عندما زاد عليه المرض، وبعد معاناة من المرض لعدة سنوات انتقل إلى رحمة الله بعد صلاة الجمعة يوم 21/5/1425ه الموافق 9/7/2004م وصلي عليه في الحرم المكي الشريف عقب صلاة المغرب ودفن بمقابر المعلاة. رحم الله الشيخ زكي رحمة واسعة وجعل القرآن العظيم شافعاً وأنيساً له في قبره، وقمراً وسراجاً منيراً، ومرتقىً طيباً في فسيح جناته وبوأه مكاناً علياً فيها. رحل زكي داغستاني وبقيت تلك المقامات المترنمة تشهد عليه كأننا نسمع صوت من الجنة .. حمد جويبر - جدة