حين كنت في رحلة علاجية إلى ألمانيا مع بعض أفراد أسرتي قبل شهر تقريباً وراجعت بعض كبار الأطباء في تخصصات مختلفة الذين أرشدني إليهم مكتب معالي سفير خادم الحرمين الشريفين إلى ألمانيا الأستاذ الدكتور أسامة بن عبدالمجيد شبكشي حفظه الله. عجب بعضهم من المستوى الرفيع لبعض الأشعات التي أجريتها في مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة من حيث تقدمها التقني ودقة تشخيصها ونتائجها. وبعد عودتي بعلاج ما لأحد أفراد أسرتي وعرضته على سعادة الدكتور أنمار ناصر استشاري المسالك البولية بالمستشفى التخصصي أفادني بأن بالمستشفى اليوم علاجاً متطوراً عنه، لأن ذلك العلاج الذي جلبته من ألمانيا تجاوزه الطب الحديث، وقد ثبت لي صحة ما قاله سعادته من حيث نتائج العلاج وسهولة استخدامه. تلك كلمة حق لا بد من قولها بحق هذه المؤسسة الصحية الرائدة ليس في عالمنا العربي فحسب، بل أقولها بتجرد تام: في العالم كله. وعالمية المستشفى التخصصي تبدت لي أكثر فأكثر في اللقاء الصحفي الكبير الذي انعقد في رحاب المستشفى بجدة بحضور معالي الدكتور قاسم بن عثمان القصبي المشرف العام التنفيذي للمستشفى، وسعادة الدكتور طارق لنجاوي المدير التنفيذي للمستشفى التخصصي بجدة. وقد فتح المسؤولان الكبيران صدريهما لتلقي كل الأسئلة التي وجهها إليهما كبار الصحفيين والكُتّاب في صحفنا المحلية بشفافية تامة وأريحية بالغة. ومما تعلمناه عن عالمية المستشفى في هذا اللقاء أن مؤسسة بحثية طبية أمريكية مختصة أصدرت قائمة بمائتين وسبعين مستشفى عالمياً تعتبر الأولى في مجال زراعة النخاع العظمي على مستوى العالم، ومن بينها كان المستشفى التخصصي بالمملكة الأول في مجال زراعة النخاع للأطفال، ومن بين الثلاثة الأوائل في زراعة النخاع بشكل عام (للأطفال والكبار) رغم أن معظم المستشفيات المدرجة في القائمة مستشفيات أمريكية عالية المستوى وتلك شهادة تدل على المركز العالمي المرموق الذي يتبوؤه هذا المستشفى ولا شك. وإن تكن تلك شهادة عالمية على تقدم هذا المستفى في إنجازاته العلاجية، فهناك أدلة كثيرة على تفوقه العالمي في إنجازاته البحثية واسمه يدل على قيامه بالمهتمين معاً. فمما تعلمناه من هذا اللقاء أن مجلة (أوبوسيتي) العالمية أشارت في غلافها إلى أحد أبحاث المستشفى المتعلق بتأثير الفروكتوز على مرض السكر. وذلك واحد من أبحاث مراكز الأبحاث التابعة للمستشفى في الرياضوجدة. بشّرنا معالي المشرف العام بانتهاء السنوات العجاف وبدخول المستشفى في جدة في مرحلة جديدة بعد أن سُدِّد أكثر من 400 مليون ريال من الديون المستحقة على فرع جدة قبل أن يصبح فرعاً لمؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وقد سدّدت هذه الديون بناءً على توجيهات كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله، وقد توالت مكرماته يحفظه الله لهذا المستشفى بمنحه قطعة أرض جنوب شارع الروضة مساحتها (33000) متر مربع لتوسعة المستشفى، إضافة إلى قطعة مناسبة أخرى شمال المستشفى للغرض ذاته، وذلك بعد اعتماد مشروعات توسعة شاملة بتكلفة (950) مليون ريال في ميزانية المستشفى، تتضمن افتتاح مراكز جديدة لأمراض الأعصاب والأورام والقلب والأطفال وسواها. إضافة إلى رفع الطاقة الاستيعابية من (330) سريرا حالياً إلى (760) سريراً. ومما بشر به الدكتور طارق لنجاوي المدير التنفيذي أن عدد أسرة العناية المركزة قد زيدت بواقع عشرة أسرة وسيزداد عشرة أخرى قريباً، وسيرتفع عددها تدريجياً نظراً لما تتطلبه من فريق طبي خاص وأجهزة وتجهيزات معقدة. وفي سؤالي للمسؤولين الكبيرين عن خطة المستشفى لمواكبة هذه التوسعة الضخمة بإعداد الكوادر الطبية والمسانِدة والفنية لتشغيل الأقسام الجديدة، أفادا بأن ذلك ليس غائباً عن إدارة المؤسسة إذ لديها خطة سنوية للابتعاث مبنية على متطلبات الأقسام بما في ذلك الأقسام الطبية والإدارية، إضافة إلى (17) برنامج تدريب داخل المملكة للأطباء المقيمين و(55) برنامجاً للزمالات معترفاً بها. ومما تم التركيز عليه الدور الإعلامي المطلوب في توعية الجمهور بأهمية المهن الطبية المساندة، لأن المجتمع السعودي بشكل عام لا يشجع أبناءه على التخصص في المهن الطبية المساندة كالتمريض والأشعة والمختبر مثلاً ويواجه المستشفى وسواه من المستشفيات صعوبات جمة في التعاقد مع المؤهلين والمؤهلات من دول العالم المختلفة في هذا المجال. إن المستشفى التخصصي بفرعيه (التي قد تزيد في المستقبل) قد حقق كل المعايير العالمية العالية في مجاليْ الخدمات الطبية والأبحاث المتقدمة وأصبح مثلاً يحتذى محلياً وعالمياً.