عندما كنا في مراحل التعليم العام نتلقى المعارف والعلوم من معلمينا ومعلماتنا حاولنا الاحتفاظ بكل ما تلقفته آذاننا وعقولنا الخام التي لم تكن قد بذرت من قبل،وتعاقبت السنوات الواحدة تلو الأخرى لنكتشف أنّ ذاكرتنا خزنت البعض وألقت البعض الآخر، ربما لقناعتها بما احتفظت به ربما لأهميته أو غرابته أو شيء آخر لم ندرك سره حتى الآن، المهم أنّ من بين المعلومات التي لا زلت أذكرها وأظن أنّ كثيرا ممن هم مثلي لا يزالون يذكرونها الروابط بين دول الجوار، كما أذكر أنّها كانت حينذاك «الدين، اللغة، التاريخ، المصير، المشترك» وجاء اليوم الذي تسرب شك إلى نفسي ما إذا كانت هذه الروابط مستمرة كاستمرار تدريس مادة التاريخ نفسه، وسأركّز شكي على رابط اللغة التي عُرف عنها منذ القدم قفز بعض الكلمات الدخيلة من اللغات المختلفة لأسوارها، وتسلقها على الرغم من حصونها المنيعة، وقلاعها الأبية في محاولة للتعايش معها، غير أنّ العربية رفضت إلا أن يكون تعايشا مشروطا بتعريبها وخضوعها لقانونها، وسار الأمر على وتيرة واحدة حقبة من الزمن ظلت اللغة العربية صامدة قوية كصمود أهلها وقوتهم، ثم ضعفوا فضعفت كردة فعل طبيعية، وازدادت ضعفا عند بعض أبنائها ثم تعرضت للهزيمة، فالاضطرار للانسحاب، انتبهوا « الانسحاب» إنّها الحقيقة العارية عن أي نوع من أنواع المبالغة، قد تكون قاسية، مؤلمة، غير متوقعة، ولكن وصف الحقيقة ملتصق بها، لا ينفك عنها بحال،فقد ظهرت فئة من أبناء «العربية» من أبناء « السعودية» من أبناء «الإسلام» لا يتكلّمون العربية، ولا ينطقون حروفها زعموا أنهم لا يجيدونها حديثًا أو فهمًا، ولشدة استغرابي قلت زعموا فلا شك أنّهم صادقون أو مقتنعون لا فرق إذ مهما حاول المتحدث إجبار عربيتهم واستنطاق ألسنتهم بحرف عربي تأبى طباعهم ذلك، وكما قيل « وتأبى الطباع على الناقل» لا أعتقد أنّ أبناء العربية أدعياء مشرّدون في غابات الكون الفسيحة، ولا أعتقد أنّ حالة من الاغتراب والعزلة اجتاحتهم ففصلت بينهم وبين ثقافاتهم وثوابتهم، وعلى يقين وثقة أنّ من الثوابت (قرآنا عربيا). [email protected]