انتقد عدد من المختصين والمواطنين غياب الخدمات الصحية عن الأحياء المتضررة من كارثة سيول جدة شرق الخط السريع رغم وجود مؤشرات لظهور أمراض وبائية وجلدية في أوساط السكان والعاملين في تأهيل تلك المناطق. وقالوا إن ما يدعو للاستغراب أن وزارة الصحة تسارع عند وقوع كارثة في أي دولة، إلى إرسال طواقم طبية متكاملة ومستشفيات ميدانية، فيما تتجاهل ما أصابنا هنا داخل الوطن رغم فداحة الكارثة. وعبروا عن إستيائهم من القصور الواضح في الخدمات الصحية والنفسية في أحيائهم، مؤكدين أنهم لم يصلهم أي من تلك الخدمات، ولم تلملم جروح أبنائهم وأطفالهم ونسائهم من تلك الفاجعة. وأضافوا أن الشؤون الصحية إكتفت بمركز صحي قديم ضعيف الإمكانيات والتجهيزات في قويزة، فيما أغلقت الجمعيات الخيرية والتطوعية عياداتها وانسحبت من الموقع رغم تزايد الحالات وإستمرار عودة السكان إلى منازلهم تدريجياً. إعتراف صريح ويؤكد محمد أحمد الشريف من سكان قويزة تدهور الوضع الصحي في هذه الأحياء مستشهدا بإعتراف مدير الشؤون الصحية بجدة الدكتور أسامة بادود قال في أحدية الدكتور أنور عشقي “أن المديرية تعاني في ظل مواردها المالية الحالية، من عجز في التعامل مع أي وباء خصوصا إذا عرفنا أن مدينة جدة لم ينشأ فيها أي مستشفى عام منذ عشرين عاماً”. وقال :ان هذا إعتراف صريح من مدير صحة جدة بضعف إمكانياتهم وعجزهم عن مواجهة أي وباء، ونحن نستغرب عدم تواجدها في الأحياء المتضررة والتي هي أكثر حاجة للعناية الطبية العلاجية والوقائية في ظل الظروف الحالية التي يعلمها الجميع، حيث إكتفت بعيادة في دكان متهالك لمدة أسبوع واحد ثم أغلقتها. وزاد: بعد ذلك جاءت سيارات لجمعيات خيرية تطوعية قدمت خدمات مقدرة ولكنها ما لبثت أن غادرت هي الأخرى. وأضاف: ومن الأشياء المثيرة للاستغراب والتساؤل في ذات الوقت أن وزير الصحة لم يتفضل بزيارة الأحياء المتضررة للوقوف على حجم الكارثة ومعاناة السكان من الناحية الصحية، كما لم نسمع عن زيارة أي مسؤول كبير في الوزارة حتى الآن، بل أن مدير صحة جدة إكتفى بزيارة واحدة للمستوصف اليتيم دون أن يقدم جديدا للناس الذين يعانون الأمرين من انتشار الأوبئة ونواقلها. نحن آخر مايفكرون فيه واستغرب فهد الحامد تعامل وزارة الصحة مع الأوضاع المتردية في الأحياء المتضررة بعد الكارثة قائلا: في كل كارثة عالمية تساهم وزارة الصحة بإيفاد طواقم طبية وإدارية ومستشفيات ميدانية لإغاثة المنكوبين وعلاجهم، أما هنا فلم نر لها أثراً، فهل نحن آخر ما يفكرون فيه؟ هل نحن في عالم النسيان بالنسبة لهم؟ ، أين مستشفياتهم الميدانية؟ وأين التصريحات التي نسمع عنها ولا نرى لها تأثيراً واضحا على أرض الواقع؟ غياب المستشفيات ويضيف محمد الزهراني من سكان حي قويزة أيضاً: “ هناك قصور واضح في الخدمات الصحية الميدانية لاسيما الخدمات النفسية، بالإضافة إلى قلة المراكز الصحية وعدم وجود المستشفيات. ويتفق كل من سعد المضواحي، تركي المطيري، ورشيد الكثيري على ضعف الخدمات الصحية والنفسية وأنها لم تصل إلى منازلهم، مطالبين بفتح المزيد من المراكز الصحية والمستشفيات. قصور كبير وأكد الدكتور صالح الحربي استشاري الأمراض الصدرية والحساسية للأطفال في كلية الطب وجود قصور كبير في الخدمات الصحية، وعدم التفاعل مع المشاكل الصحية في هذه الأحياء بشكل يتناسب مع حجم الكارثة. وحذر د. الحربي من الأمراض المعدية وحمى الضنك والملاريا التي تهدد الأهالي بسبب انتشار البعوض والحشرات والمياه الراكدة، وكذلك زيادة مضاعفات نوبات الربو والأزمات الصدرية، مشددا على أهمية تواجد ومضاعفة الفرق الميدانية والمراكز في كل تلك الأحياء والمبادرة بزيارة الأطفال وتهيئتهم النفسية. مرحلة ما بعد الكارثة بدوره قال البروفيسور عدنان البار مدير عام الشؤون الصحية الأسبق بمنطقة مكةالمكرمة ورئيس مجلس إدارة جمعية زمزم للخدمات الصحية التطوعية : إن هناك احتياجا إلى مزيد من الجهود لتقديم الخدمات الصحية والتثقيفية والمراكز الصحية لمرحلة ما بعد الكارثة ، معتبرا في الوقت ذاته أن الخدمات الصحية استجابت واستوفت متطلبات الاستجابة لمرحلة الكارثة. وأوضح أن المشكلة تكمن في ضعف الخدمات الصحية في مناطق شرق الخط السريع بصفة عامة وفي المناطق المتضررة بصفة خاصة، حيث لا يوجد سوى مركز واحد في قويزة ومركز في كيلو 14 بينما الحاجة ماسة إلى وجود 3 مراكز في كل حي. 300 مراجع يوميا وأكد أن جمعية زمزم ساهمت في تقديم العلاج لأكثر من 4 آلاف حالة متضررة من خلال 3 عيادات ميدانية موزعة على الأحياء المنكوبة (قويزة ، الصواعد ، كيلو 14)، بمعدل 300 حالة في اليوم الواحد، لمعالجة الحالات التي تأثرت ، إضافة إلى المساهمة بأنشطة التوعية الصحية عن حمى الضنك، والتهاب الكبد الوبائي أ ، والتي أصبحت تهدد تلك المناطق بعد انتشار الذباب والبعوض، وبدأت تتناقص بعدما انخفض أعداد المراجعين ليصل إلى 15 مريضا في اليوم الواحد. مراحل الكارثة وصنف د. البار مراحل الكارثة إلى ثلاث مراحل أولاها مرحلة الصدمة ومدتها لا تزيد عن أسبوع ، وشهدت المرحلة الثانية تزايد الاحتياجات وامتدت إلى شهر كامل، بينما المرحلة الثالثة هي مرحلة ما بعد الكارثة، وتوجد ثلاثة أنواع من الاحتياجات الصحية ذات العلاقة بالحدث. وأشار إلى أن هناك مجموعة الإرشاد النفسي والأسري والانتكاسات النفسية وهي مستمرة ، بينما تمثل المجموعة الأخرى الخدمات الصحية التي تقدمها الجمعيات الخيرية والحكومية، مقابل غياب واضح في القطاع الخاص عن الحدث.