اعترف مدير جمعية الثقافة والفنون بعسير الشاعر أحمد عبدالله عسيري بالخطأ الكبير الذي وقعت فيه الجهات التنظيمية ل “ليالي أبها التراثية” حينما أُقحمت المسابقة في مجال الإبداع لأنه -بحسب رأيه- لا يوجد في المسابقات التراثية كلمة إبداع؛ لأن البديع هو الله، بديع السموات والأرض سبحانه وتعالى. وكلمة إبداع تعني أيضًا أن تُنشئ شيئًا ليس موجودًا، وأن تأتي بشيء لم يسبقك له أحد، وهذا ما يتنافى مع الموروث والتراث الذي توارثناه من أجدادنا وآبائنا في إطاره المحدد دون زيادة أو نقصان. وكانت «ليالي أبها التراثية» قد اختتمت نشاطها مؤخرًا بمنح جائزة عسير الذهبية للتراث للفرق التراثية المشاركة في المهرجان مع نهاية الفعاليات، وأوضح عسيري أن اللجنة تم تشكيلها بإشراف وعضوية مدير المنتجات السياحية بالهيئة العامة للسياحة الآثار الدكتور علي العنبر بناء على العديد من المعايير المحايدة والدقيقة جدًا والتي تمثلت في إلمام عضو اللجنة بماهية الموروث الشعبي كقيمة ثقافية وحضارية ومسيرته التاريخية في مجال الموروث الشعبي مع الإجادة التامة لإيقاعات وألحان وأداء هذا الموروث. أبو سراج وأبو هلال وقال عسيري: عندما نطلق (إبداع) فإننا سنفتح المجال للجميع بمسخ الموروث من جذوره، فالتقييم الصحيح للموروث هو عندما يُؤدى كما يجب وكما هو بروحه ونكهته الخاصة، مضيفاً أن اللجنة واجهت صعوبة بالغة في تقييم الفِرق الفنية نظرا لتقارب مستوياتها وخاصة في إتقانها لبعض الألوان الشعبية مثل “الخطوة والعرضة والدمة”، عدا بعض التميّز المسجل في بعض الألوان الفردية، مشيرًا إلى أن اللجنة عندما قررت منح الجائزة في لوني “الخطوة والعرضة” لكافة الفرق المشاركة جاء كقناعة كاملة بالظهور المشرف للفرق المشاركة وحرصها على خدمة وتأصيل الموروث حيث حرضت اللجنة على عدم الدخول في مضمار الإثارة بتمييز فرقة على الأخرى ونحن هُنا لا نتعامل مع فرقة أبو سراج وفؤقة أبو هلال كفِرق فردية بل نتعامل مع فرق تمثّل المحافظات وبالتالي كل فرقة ترى أن موروثها هو الأكثر تميزًا وحضور مع العلم أن ما يؤدى حاليًا من رقصات شعبية تخلو في معظمها من الأداء الصحيح لهذا الموروث والدليل كبار السن أمثال الشاعر الشعبي الراحل الملقب ب “بن عشقة” وغيره من كبار السن الذين لا زالوا على قيد الحياة والذين أنكروا معرفتهم بهذه الرقصات التي تُؤدى حاليا وأنها لا تحمل نفس الإيقاع والألحان التي كانوا يؤدنها قبل عشرات السنين. لا للرقصات النخبوية وأردف عسيري يقول: إننا نوجس في أنفسنا خيفة من تحوّل الرقصات الشعبية الأصيلة إلى رقصات نخبوية لا يجيدها إلاّ محترفون درسوا في معاهد متخصصة في الرقص الشعبي وهذا طبعًا غير موجود، وأضاف قائلاً إن ثراء موروث عسير قد حال دون استيعاب السلالم الموسيقية لإيقاعات وألحان هذه القيمة التراثية والحضارية للإنسان والمكان على امتداد الجبل والسهل في عسير العطر والمطر، مستشهدًا بزيارة الموسيقار الراحل بليغ حمدي لعسير قبل أكثر من 30 عامًا مضت في محاولة لتقديم ألحان من التراث العسيري لتردده الأجيال تاريخًا وحضارةً.. حينها قال الموسيقار بليغ حمدي إن عسير بموروثها وثقافتها التراثية صاحبة سلالم موسيقية نادرة وجميلة. يا قبائل عسير وتمنى عسيري من قبائل منطقة عسير إتاحة الفرصة لخروج فرق شعبية تُثري الموروث بألوان متنوعة ومهمة وعدم محاربة نشوء بعض الفرق الجديدة، موضحًا أن جمعية الثقافة والفنون في أبها تتلقى سنويًا العديد من المطالب لبروز فرق شعبية أخرى من محافظات المنطقة تحمل طابعًا مميزًا في موروثها البدوي والساحلي الأصيل، وكشف عن وجود أكثر من 24 فرقة للتراث والموروث الشعبي مسجلة بشكل رسمي عن طريق إمارة المنطقة تمثل كافة المشارب للموروث على مستوى المنطقة، متسائلاً عن السر في عدم رغبة بعض قبائل المنطقة بل ورفض الكثير منهم لظهور هذه الفرق!