عندما تطالب وزيرة الخارجية الأمريكية السيدة هيلاري كلينتون باستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين دون شروط مسبقة، أي دون أن يسبق تلك المفاوضات وقف للاستيطان، أو حتى تجميده لمدة عشرة أشهر، وذلك بهدف التوصل إلى حل نهائي، وليس بهدف التوصل إلى سلام نهائي، فإنها إنّما توحي بذلك بأن هذا الحل لا يعني بالضرورة تحقيق السلام العادل والشامل والدائم، بقدر ما يعني تصفية الأرض، لا سيما في ظل ما ألمح إليه مبعوث الرئيس أوباما للشرق الأوسط جورج ميتشل في غضون ذلك بأن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية التي يسعى إلى استئنافها خلال جولته السادسة للمنطقة أواسط هذا الشهر، لا ينبغي أن تتجاوز العامين، وهو ما سيعطي إسرائيل مهلة إضافية لمواصلة الاستيطان خلال العامين المقبلين، بما يطرح السؤال: كم سيتبقى من الضفة والقدس من أراضٍ لقيام الدولة الفلسطينية الموعودة بعد هذين العامين؟ الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني أصبح الورقة الرابحة في يد إسرائيل، وأفضل وسيلة لها للتهرّب من التزاماتها إزاء عملية السلام التي لا تحرص عليها أصلاً، وغير مستعدة للوفاء باستحقاقاتها. فالنزاع القائم بين فتح وحماس يوفر لإسرائيل المبرر الذي تحرص دومًا على البحث عنه؛ لإثبات مقولة غياب الشريك الفلسطيني المفاوض، الذي يمثل الضفة والقطاع، أو السلطة، وحماس، نتيجة وجود حكومتين متنازعتين. عدم جاهزية السلطة الوطنية الفلسطينية لقيادة مفاوضات مع إسرائيل بسبب الظروف الداخلية الراهنة، وبسبب المواقف السياسية والممارسات الإسرائيلية، وتحيز الإدارة الأمريكية، واللجنة الرباعية للمواقف الإسرائيلية بشكل كامل، كل ذلك يضع عملية السلام أمام طريق وعر يصعب معه استئنافها، ما لم تتوفر لها أولاً عوامل النجاح، بدءًا من إنهاء الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني فورًا، وإنهاء إسرائيل لكافة أشكال الاستيطان شاملاً ذلك الضفة الغربيةوالقدسالشرقية، وتقديم ضمانات أمريكية للفلسطينيين بأن تؤدي تلك المفاوضات في فترة زمنية معقولة ومقبولة إلى قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على كافة الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب 67، بما في ذلك القدس الشريف عاصمة تلك الدولة.