لماذا إذا لم يحبنا فلان، أو لم تحبنا فلانة أخذنا المسألة بصفة شخصية، لماذا نسمع أن هناك من انتحروا لأن المحبوب لم ينظر إليهم نظرة عشق وولهٍ ولم يشرب كأس المرارة الذي تجرعوه، وحين تسأل بعضهن هل تختارين إذا قدر لك الاختيار أن يموت حبيبك أو يحب غيرك، فأنها تقول بدون تردد إن شاء الله يموت ألف موتة ولا أراه ينظر إلى غيري نظرة حب، وقد يقوم هو بقتلها وبحد أدنى قد يحطمها تحطيما لو شك أنها خانته ولو بتفكيرها، وقد يُسرّكَ قريب بسرٍ له قائلا: لن يرتاح قلبي حتى يصبح من أحبه يحتاجني كما يحتاج للأكسجين الذي يتنفسه، وقد يذهب بعضهم الى ابعد من ذلك فيتمنى لو يستطيع ربط محبوبه بحبل فيكون له كالكلب الوفي، مبررا ذلك من كثرة تعلقه وحبه له. بعض المحللين النفسيين يعلقون على الموضوع قائلين أن تلك المشاعر ما هي إلا تجسيد حب الشخص لذاته ولنرجسيته النائمة في أعماق ضميره، هل إذن صحيح ما يقولونه أن الحب ما هو إلا حالة حب للذات؟ ألهذا نسمع المحب إذا ما أراد ان يبرهن شدة حبه لمحبوبه قال له - والله أني احبك أكثر من نفسي، (يعنى على أساس انه بذلك جاب الضايعة وأعطاه أكثر مما يتوقع البشر). المحبون يبررون لنفسهم أنهم أصحاب حق على من يحبون، وكثيرا ما نسمع مصطلحات خاصة بأواخر حب قد خمد جمره – يا خسارة الحب اللي حبيتك إياه، ضيعت عمري وأنا مخلص لك، والمشكلة كل ذلك يأتي تحت مظلة الإخلاص العتيقة، والإخلاص ركن من أركان الحب ولكل محب قاموس خاص به يستقى منه قوانينه التي يشرعها على من يحب ، فهناك من يتسامح لأجل خاطر من يحب مع كثير من التمنن، وهناك من يترصد لكل خطأ من محبوبه على أساس أنها إهانة لكرامته وهو من أهل الكرامات في حبه واعتقاده. قوانين المحبين غريبة ومستفزة للمنطق أحيانا، والغريب انك إذا تكلمت عن ذلك الحب غير المشروط، ذلك الحب الذي لا يطمع صاحبه حتى بالاعتراف به ولا حتى استثماره عند محبوبه، بل تراه يحتفظ به وله بحفظهِ مآرب لا يعلمها سوى قلبه النقي الذي لا يندم إن أعطى، ولم يفكر حتى بأن يستظل بشجرة حبه التي أسرف على سُقياها من طيب وفائه.فإنك حينها لن تلقى سوى التندر والتعجب قائلين – بأن مبرد الحب لا يبقى ولا يذر.. عجبي . [email protected]