كل يوم نتعلم درسا جديدا من خادم الحرمين الشريفين، رائد مسيرة البناء والإصلاح أدام الله عزه وحفظه، فالبساطة والأريحية التي استعرض بها رعاه الله الميزانية المباركة والمبروكة لهذا العام الهجري الجديد خلال الأسبوع الماضي، وكذلك الشفافية والصراحة التي اتسم بها خطابه حفظه الله، كل ذلك كان درسا مهما لكل فرد منا، فقد قسم حفظه الله المسؤولية بين الرعية بالقسطاس المستقيم حين قال: «آمل من الذي يجد تقصيرا من أي أحد ومنهم وزير المالية أن يخبرني» تلك لعمري مفردات بسيطة ولكنها سفينة النجاة، والقاعدة التي يجب أن ننطلق منها لبناء وطن أصبح محط أنظار العالم، ولطالما حلمنا بوطننا في مصاف دول العالم الأول، فالوطن لا يمكن أن ينهض بالتقسيط، خاصة في الجانب المتعلق بالمسؤولية، فالكل هنا مسؤول عن أمن الوطن وعن نظافته وعن تعليمه وعن الدفاع عنه وعن وعن ... الخ، فإن لم تكن المسؤولية مباشرة فإنها بالمشاركة الإيجابية والتعاون مع من حولنا، نكون أهم المسؤولين عن التغيير نحو الأفضل، وبالطبع فإن المسؤول عن نظافة الشارع أو تمديد خطوط الماء والكهرباء على سبيل المثال، لا يمكن أن يتقاعس أو يتلاعب لو أننا تعاملنا معه بمبدأ الرقابة والإصلاح، والتزمنا شفافية القائد وأمانته. إذا، علينا كمواطنين أن نكون عينا ساهرة على مشاريعنا وأن نساهم في دفعها لتنجز بالجودة المطلوبة وألا نخجل من طرق باب المسؤولين وتقديم الملاحظات بأمانة وإخلاص المواطن الواعي والفاعل، ولا خير فينا إن لم نكن كذلك بعد التوجيه والتربية التي تلقيناها من رائد الإصلاح، خادم الحرمين الشريفين أطال الله عمره. نعم ياسيدي هناك مشروعات (ما بيّنت) وبعضها نُفّذ بغير المواصفات المطلوبة، وهناك أمور لا يمكن اكتشاف الخلل الممارس في تنفيذها إلا بمرور الأجيال، وكل ذلك بسبب غياب المسؤولية الجماعية، أو السكوت وغض البصر، أو الخوف أو المجاملة، والأمثلة كثيرة ولكني أحاول أن أضرب مثلا واحدا، ألا وهو التعليم والذي يمثل رأس الرمح في مسيرة الإصلاح وحجر الزاوية في بناء وطن متحضر واقتصاد قائم على المعرفة، وهو همّ خادم الحرمين الشريفين الأول منذ توليه سدة الحكم وقد أنفق عليه الكثير وما يزال صاحب النصيب الأكبر في كل الميزانيات، فهذا التعليم يحتاج إلى المزيد من الشفافية في التعامل مع كل مفرداته وعلى رأسها المعلمون ومن هنا أود أن أكون من أوائل الممتثلين لشفافية خادم الحرمين الشريفين والتي أوصانا بها فأقول لصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التعليم، إن مناهجنا خطت خطوات كبيرة نحو التحديث وإن الكثير من المرافق التعليمية تطورت بشكل لا نظير له ويكفي (كاوست) نموذجا، ولكن يا صاحب السمو وبكل الصراحة، نحن نفتقر إلى الوفرة للمعلم القادر على القيام بمهام التغيير المطلوب، المعلم الذي يوازي طموحكم وطموحنا في السباق نحو العالم الأول، ولست مبالغا إن قلت إن نسبة مفزعة ممن يعملون في حقل التعليم، ليسوا بمعلمين ويجب تحويلهم لإدارات أخرى حيث يمكن تدريبهم وتطويرهم واستثمار جهدهم في مواقع أخرى، حتى لو اضطر الأمر لتغطية الفراغ الذي سيترتب على ذلك بكفاءات مستقدمة، كفاءات تلبي حاجة التغيير وتساهم في تأسيس كادر من المعلمين السعوديين بمزايا ومواصفات عالية، حتى لا تذهب جهود الإنفاق على التعليم أدراج الرياح، فالمناهج كما قلتم ونقول، تتطور كلما لزم الأمر، والأدوات التعليمية متوفرة وأبناؤكم الطلبة أذكياء، ولكن ضعف من يوصل الرسالة لعقولهم من وجهة نظر شخصية، هو السبب المباشر في ضعف مخرجات التعليم في بلادنا، وهأنذا قد بلغت الرسالة، اللهم فاشهد وأنت خير الشاهدين. نافذة : الحقائق زيت المصابيح، يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.