لم أكن أصدق أني سأكون هناك، في نفس القاعة التي يجلس فيها ملوك وأمراء الدول الخليجية الست التي تكوّن مجلس التعاون الخليجي عندما وصلتني ثلاث دعوات فاخرة من وزير شؤون الديوان الأميري. الدعوة الأولى لحضور الحفل الافتتاحي للقمة الثلاثين، والثانية لحضور حفل تدشين الربط الكهربائي الخليجي، والثالثة لحضور البيان الختامي، كلها في قصر بيان. ظننت أننا سنكون في قاعة بعيدة عن الحفلات الثلاث وسنتابعها من خلال شاشة العرض، وجدت نفسي في قلب قصر بيان، نتحرك بحرية وسهولة، لكن التجربة الأولى لها دائما إحساس مختلف، إحساس يستعصي على الوصف، كأنك في خدر، كأنك في حلم، كأنك بين اليقظة والنوم، ورائحة العود تفوح في المكان، الرجال والنساء يتحركون برشاقة وفخامة والمشالح السوداء المقصبة سجلت حضورا كثيفا، كل شيء حولك فخيم وجميل وحميم في نفس اللحظة، والحركة دون قيد. مازلت غير مصدقة أنني في نفس القاعة وأنني بعد لحظات سأمتع ناظري برؤية ملوك ورؤساء الدول الخليجية الست، أخذ الحلم يصحو، لا أريد لحظة أو لقطة تهرب منى، أخذت أقلب البصر بين شاشة العرض الكبيرة التي تنقل صور الواصلين على البوابة الرئيسية للقصر، والمدخل الفاره، والسجادة الحمراء الباذخة، وبين الشاشة التي تنقل صور الواصلين إلى بوابة القاعة، وإلى الجموع الغفيرة من الضيوف والإعلاميين التي أخذت مواقعها على المقاعد الخلفية، بينما توسطت مقاعد القادة القاعة بشكل دائري فخيم! بعد كلمة صاحب السمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح التي تضمنت تهنئة لخادم الحرمين الشريفين بعودة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان، طلب من الجميع إخلاء القاعة للقادة لعقد الجلسة السرية، خرج الجموع في تدفق متناغم دون ضجيج أو ارتباك متجهين إلى قاعة حفل تدشين الربط الكهربائي الذي كان مبتكرا ومبدعا، أخرجنا من حالة السكون التي ركنا إليها في انتظار حفل خطابي ثقيل. وأخذنا الطفل حمد بوناشي ذو السنوات العشر إلى حالة من الإبهار والنشوة ببراعته في مخاطبة الملوك والأمراء وعرض أحلام جيله وأحلام الشباب والشابات في إطار مسرحي خطابي بكلمات بليغة بسيطة، اختطفت التصفيق عدة مرات، خصوصا عندما خاطب خادم الحرمين الشريفين، وقدم أيضا التهنئة على سلامة الأمير سلطان مع باقة ورد قدمتها فتاتان صغيرتان حظيتا بقبلات أبوية حنونة من خادم الحرمين الشريفين. عرض كلمات وزراء الكهرباء مسجلة بحيث تمثل في مجموعها كلمة واحدة كان استثمارا جيدا للتقنية وللوقت وكان مبتكرا أيضا. النجاح في تنظيم هذه القمة التي خرجت بقرارات مهمة لابد أنه أحتاج من الكويت إعدادا واستعدادا مبكرا جدا ومنَسقا بين مختلف الجهات، الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وأمينها العام عبد الرحمن عطية، واللجنة العليا الخاصة للإعداد للدورة الثلاثين التي يرأسها روضان الروضان وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، واللجنة الإعلامية وعلى رأسها المستشار بالديوان الأميري السيد محمد عبد الله أبو الحسن، والمركز الإعلامي وعلى رأسه السيد خالد الرزني الذي كان متواجدا بشكل مستمر يلبي رغبات الإعلاميين، ويتابع العمل والحركة المنسابة بسلاسة في مركز الراية الذي يضم مركز المعلومات ومعرض دول مجلس التعاون الخليجي، وقاعة المؤتمرات الصحفية خمسة أيام مهمة بدأت منذ حطت أقدامنا أرض مطار الكويت حتى لحظة المغادرة، لم يفلت من يدهم خيط واحد من شبكة التنظيم، الاستقبال والتوديع ، التنقل بين مختلف الفعاليات التي سأفرد لها مقالا أومقالات أخرى، قدمت لنا كافة التسهيلات بالإضافة إلى كرم الضيافة برعاية صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الذي أتوجه إليه بالشكر ولشعب الكويت وللمستشار محمد أبو الحسن، والسيد خالد الرزني وللشباب والشابات في المركز الإعلامي، شكرا ياكويت!