لم يكن مساء يوم الجمعة الرابع والعشرون من شهر ذي الحجة 1430ه الموافق للحادي عشر من شهر ديسمبر 2009م يومًا عاديًّا في حساب الأيام، بل كان يومًا استثنائيًّا في تاريخ مملكتنا، يوم حمل البشارة بعودة سلطان القلوب سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد الأمين، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، والمفتش العام إلى وطنه بعد الرحلة العلاجية التي تكللت بشفائه التام -يحفظه الله -، فعاد إلى الوطن الذي عشقه وأحبه وأخلص إليه، فحاز في القلوب موضع المحبة، وفي النفوس مكان التقدير والاحترام.. عاد «الأمين» فأزهر الفرح براعم في بستان المملكة، وارتسمت على الوجوه ملامح البشر والسعادة، ولهجت الألسن بالحمد شكرًا لله الذي منَّ على «سلطان القلوب» بالعافية والسلامة، - أدامهما الله عليه-.. إن صفحات تاريخ هذا الوطن الغالي لتحفظ لولي العهد الأمين سطورًا ممهورة بعطائه الكبير، المبذول بغير منٍّ لوطنه، يقرأها المتابعون، فيجدون فيها وقوفه بجانب الفقراء والمعوزين، لتمتد أياديه البيضاء في كل الأعمال الخيرية، مشيدًا لذلك «مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية» هادفًا منها إلى تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية وتوفير المساكن لأبناء الوطن المحتاجين، دون أن يريقوا ماء وجوههم، فحفظ لهم كرامتهم، وآوى شتاتهم، فاستقر في قلوب أبناء وطنه محبة وتقديرًا، ونال على ذلك أرفع الأوسمة والجوائز ومنها جائزة الملك فيصل العالمية، وجائزة مركز راشد للشخصية الإنسانية، ووسام الشرف الإنساني من المجلس العالمي لتعاون الحضارات، وجائزة جمعية الأطفال المعاقين، وغيرها من الأوسمة والجوائز التي تؤكد علو كعبه في مضمار الأعمال الخيرية التي تعد من سمات ولي العهد المميزة له.. كذلك يقرأ التاريخ صفحات «سلطان الخير» وجهوده المنظورة في تطوير القوات المسلحة منذ توليه وزارة الدفاع والطيران، حتى أصبحت قواتنا المسلحة متسلحة بكل أساليب التطوّر التي تمكنها من الدفاع عن أرض الوطن بكل اقتدار، بل أصبحت شريكًا أساسيًّا في التنمية والازدهار الاقتصادي بدخولها في إنشاء المدن العسكرية وتحويلها إلى مراكز اقتصادية فاعلة،.. ولعل في اعتماده لبرنامج التوازن الاقتصادي مع الدول المصدرة للسلاح وأنظمة الدفاع، وتخصيص ما قيمته 35% من قيمة عقود التسليح للمشروعات الدفاعية لصالح الصناعات المشتركة مع شركاء سعوديين والمؤسسة العامة للصناعات الحربية بعد نظر حقق به التوازن المطلوب في اقتصادنا الذي لم تهزه الأزمة الاقتصادية العالمية التي هزّت دولاً كبيرة. إن الصفحات التي سطرّها ولي العهد الأمين من العطاء الكبير لتعزّ على الحرص والتعداد، وما الإشارة إليها إلا من باب التمثّل فقط، فما باستطاعتنا أن نوفيها كامل الاطلاع، ولكننا نشير إلى بعض منها في مقام الحفاوة بعودته لأرض الوطن سليمًا ومعافى. نعم.. إن الكلمات لتتقاصر فلا تكاد تعبّر عن مدى الفرحة التي انتظمت الوطن منذ أن أطل وجه الخير، وعاد إليه.. فبعودته تكتمل السعادة، وتضرب الفرحة أوتادها، وتكتمل للمعاني قيمتها فوق ما هي مكتملة في وطني، ولا أدل على ذلك من موقف سيدي ولي العهد عقب وصوله مباشرة، حيث كانت أولى زياراته إلى المصابين من أفراد قواتنا المسلحة، لتجيء زيارته مواساة لجراحهم التي فدوا بها تراب وطنهم، ويطبع قبلة على رأس كل مصاب ومجاهد، لتمثل هذه الزيارة أيضًا رسالة لإخوانهم المقاتلين بأن «سلطان الخير» كان مهمومًا بهم، ومشغولاً بقضاياهم حتى وهو في رحلة علاجه، ليقدم «الأمين» درسًا جديدًا لالتحام المسؤول والقائد بأبناء شعبه. إن المعاني التي يقدمها سيدي «سلطان الخير» أكثر من أن نعددها، فلا يسعنا على قصر هذا المقام إلا أن نرفع أغلى التبريكات والتهاني إلى مقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعودة أخيه ولي العهد، ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني ووزير الداخلية، ولسيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وهو يضرب أروع الأمثلة وأصدق الصور في المحبة والإخلاص وهو يصحب سيدي ولي العهد الأمين طوال رحلته العلاجية، لترسم هذه الصحبة لوحة مشرقة لما يتميز به الإخوة من أبناء هذا الوطن المعطاء، والتهاني والتبريكات موصولة كذلك لكافة أصحاب السمو الملكي الأمراء على هذه العودة الميمونة لسيدي «سلطان القلوب».. فأهلاً ومرحى بك يا «سلطان الخير»..