كانت “ماجدة” تعد الأيام والليالي بانتظار موعد زفافها بعد شهرين، أمضت فترة طويلة وهي تستعد لليلة العمر، اشترت أغلب أغراضها لهذه المناسبة السعيدة، وكانت في كل ليلة تعيد رؤيتها وترتيبها وتسرح بخيالها بعيداً وهي ترسم تفاصيل مستقبلها مع فارس أحلامها، حتى كان يوم “الأربعاء الحزين” حيث أتى السيل على كل شيء ولم يترك لها سوى الحسرة والألم يعتصران قلبها الذي كان يرقص فرحاً بانتظار “الليلة الموعودة” حتى أنها أصيبت بانهيار عصبي من قوة الصدمة. عن هذه المأساة تحدثت والدتها “أم ماجد” ل “المدينة” قائلة : كان همها الأول إنقاذ إخوانها، وتمكنت بالفعل من سحبهم من الدور الأول وإيصالهم إلى الثاني، وأثناء محاولتها النجاة بنفسها إلى الدور الثاني بعد أن اطمأنت على إخوتها انكسر الباب واندفعت المياه بقوة وجرفتها معها قبل أن يتم انقاذها. وأضافت: “مسكينة ابنتي ماجدة لم تسعد باستعدادها المبكر لعرسها، وهي الآن تعيش في حالة نفسية سيئة جراء خسارتها التي تصل لحوالى 25 ألف ريال أنفقتها على شراء أغراض فرحها، ونتمنى أن تعود لحالتها الطبيعية قبل موعد الزواج”. وعلى الجانب الآخر كادت «أم ماجد» أن تضحي بحياتها من أجل أطفالها وذلك برمي نفسها من السيارة على أمل الوصول إليهم ولو مشياً على أقدامها، فقد كانت قادمة برفقة ابنها من طريق المدينة وظلت على اتصال بأهلها محذرة من المطر الغزير في الضواحي الشمالية التي قدمت من جهتها، وكان الجميع يطمئنها بأن الوضع على ما يرام، وعندما وصلت إلى كوبري الملك عبد الله وشاهدت أحياء شرق طريق الحرمين غارقة والسيل يجرف جثثاً آدمية وأرتالاً من السيارات، عاودت الاتصال على أهلها فوجدتهم يستغيثون ويطلبون منها الاتصال بالدفاع المدني بعد أن احتجزتهم المياه ووصلت للدور الثاني في عمارتهم، ومع هول الفاجعة وخوفها على أبنائها قررت النزول من سيارة ابنها ومحاولة العبور مشياً على أقدامها حتى جاءها سائق تريلا تعاطف معها وخاطر بحياته لإيصالها إلى حيث تريد عبر أرض ترابية موحلة حتى يطمئن قلبها على أبنائها، ورغم أنها تمكنت من الوصول لنفس منطقة سكنها إلا أن دخول المنزل كان من المستحيلات، فصعدت إلى إحدى العمائر القريبة واتصلت على أهلها وأشارت عليهم بأن يخرجوا من كان سالماً لكي تراه ويطمئن قلبها. وتضيف “أم ماجد”: رغم أننا لم نتجاوز الشهرين منذ سكنا في المنزل الذي اضطررنا للديون لإكماله وتأثيثه، إلا أن فرحتنا لم تكتمل، والحمد لله على لطفه وقضائه.