صاحب السمو، شكر الله لكم هذا الفضل العظيم، في هذا اليوم الغالي في حياتنا، في بلد الله الحرام، وإننا سنظل نذكر هذه المناسبة الكريمة، فنشكر فضلكم علينا بعد الله، بهذا التقدير.. الذي نحن حفيون به، ومقدرون هذه اللفتة الكريمة في هذا المحفل التكريمي، وأكبر الظن.. أنه تكريم لكل أدباء ومثقفي هذا الوطن العزيز الكريم. وأنه لفضل كبير علينا، من الذين يصنعون الجميل، ويفضلون بما هم له أهل من الإيثار والتقدير. والفضل لله أولاً وآخرًا؛ لأنه سبحانه المتفضّل على خلقه (إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ) [البقرة: من الآية 243]. وإنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً. إن الأدباء والمثقفين، الذين ينالون اليوم هذا التقدير السامي، رجال مخلصون لقيادتهم، ووطنهم، وامتهم، قدّموا ما استطاعوا للوطن من إنجازات ثقافية أداءً لواجبهم، ووفاءً بعهدهم، وانطلاقًا من وطنيتهم، واعترافًا بالرعاية المثلى لهم.. في أقدس بقاع الأرض قاطبة، فكان عليهم أن يخلصوا العمل، ويحسنوا الأداء، ويلتزموا بمبدأ، واتّباع قدوة، ويسارعوا إلى الواجب، ويلتزموا بالأمانة، وينهضوا بما أُتيح لهم أن يشاركوا به وفيه، والله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملاً. إننا يا صاحب السمو في هذا اليوم الأغر، لنشعر بدَين، يتمثل في هذا التقدير السامي، الغالي الثمين، وهو عطاء الذين يؤثرون ولا يستأثرون، ويشيعون الجميل، ويسدون من أخلاقهم ما يحسب لهم، أقدموا عليه، وقدّموه إلينا، لأنه نابع من نفوس كبار، تؤثر الخير، وتصنع الحسنى، وتكافئ العاملين، الذين ليسوا أقربين نسبًا، ولا ذوي خطر. وأكبر الظن أن هذا الاعتراف الذي أسوقه، نيابة عن إخوتي المكرمين، وهم أبلغ مني بيانًا، وأفصح لسانًا، وأقوى تعبيرًا، وأقدر أداءً. إن هذا الإفصاح، يهدف إلى شكر لا يؤدي شيئًا، ولكن أقل ما فيه أنه اعتراف بالجميل، يضمنا حرم الله الآمن، في أقدس بقعة، تحت مظلة صرح علمي، وفي محفل كبير، يلتقي فيه مثقفو البلاد وأدباؤها. إن ما تفضلون به اليوم يا صاحب السمو على هذه النخبة من رعاية مؤتمرها الأدبي الثاني، وعلى شريحة منهم، اختصت بتكريمكم لهم، لأنكم فُطرتم على هذه الخصال الحميدة. وإنه ليُحسب لسموكم.. هذا الوفاء، وهذا الفضل، في هذه المبادرة من الرعاية والقلادات التي يؤثر بها العاملون الصادقون الجادون المخلصون، الذين ينالون هذه الخطوة، ولعلي في مقدمتهم، لا لفضل لي وميزة، ولكن لأني اخترت أن أقدم كلمة شكر لسموكم، وأن أقف أمامكم، أشيد بأياديكم البيض على الفكر، في مهد العرب والمعرفة والرسالة الخاتمة لدين قيّم، جاء لهداية البشرية، على رسول أُرسل للناس كافة بشيرًا ونذيرًا، ورحمة الله للعالمين. صاحب السمو إننا معشر الأدباء والمثقفين، وثلة المكرمين اليوم، نحفظ لسموكم هذا الاهتمام، ونشكر هذه الرعاية، وهذا الحدب، وهذا التقدير والعناية، وهذه اليد الكريمة، التي تمتد، تصافح بالخير والعطاء والسماحة والجود، واعتذر لسموكم لأني لم أبلغ في تعبيري ما يرضيني ويرضي زملائي المكرمين، واللجنة التي قدمتني، ظنًا منها، أنني مثل أو قريبٌ.. من ذلك الرجل العربي القديم الذي قال مفتخرًا ببلاغته واعتزازه بفصاحته، لأنه رجل مفوّه: إذا قلت أمّا بعد كنت خطيبها أقول إن هذا الملتقى الكبير.. إنجاز حضاري، وإنكم وراءه.. دعمًا وإنجازًا ونجحًا، كما أن الاثني عشر ناديًا في بلادنا.. منارات حضارية، لأنكم رائدوها، وحراص على ارتقائها ونجحها، ليصل صوتنا إلى الوطن العربي كله، يحمل ثقافتنا وفكرنا الملتزم. لست يا سيدي ذاك، ولكني مَن عرض الناس، قليل الزاد، ولكني سعيد بهذه الوقفة، التي ربما أغبط وأحسد عليها. وفي ساعة وفاء، ينبغي أن يحسن فيها القول، بسداد الرأي، وما يليق بمقام المخاطب، وحسبي حسن ظن سموكم، الذي يدرك جيدًا، أنّ نية المرء خير من عمله، لأن الأعمال بالنيات، وأنا أعلن الإخلاص والوفاء، وأعلن كذلك أني مدين، وأنّ بياني قاصر، فاعذروا يا سيدي تقصيري، فإنما أنا أمرؤٌ أشبه بحاطب ليل. واسمح لي يا سمو الأمير، وقد شرفت بالوقوف أمامكم.. أن أتطاول إلى تمام هذا الشرف، الذي أحاول به أن أرد بعض الدَّين لكم، وبعض الوفاء لثقافتنا الوطنية، فالتمس من سموكم الكريم.. الموافقة على أن ينهض نادي جدة الأدبي الثقافي، بعقد المؤتمر الثالث للأدباء السعوديين. وكلي ثقة أن ناديًا يقف وراءه سموكم الكريم، وتسانده إداراتكم الموفقة سيكون جديرًا بأن يحظى بهذا الشرف. إنني يا صاحب السمو، باسم زملائي المكرمين وباسمي، نتقدم إلى سموكم بمزيد من الاحترام وخالص الشكر، على ما أوليتمونا من عناية وتقدير بهذا التكريم، وإن التاريخ ليسجل لكم هذه الرعاية الغالية للأدباء والمثقفين بعامة، والمكرمين بخاصة، ويدوّن التاريخ الأدبي لسموكم المزيد من الإكبار والثناء لمواقفكم المتتالية باسم الفكر، الذين يدينون لكم بالفضل في الاحتفاء بهم والتقدير الجم، أرجو الله لسموكم التوفيق والسداد كفاء ما تصنعون في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مد الله في عمره وأعزه، وحفظ سمو ولي العهد الأمين، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني، الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وحفظ بلادنا، وأدام عليها نعمة الاستقرار والأمن والأمان، والحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (*) أُلقيت هذه الكلمة في حفل افتتاح المؤتمر الثاني للأدباء السعوديين