من شاهد الحاصل في جدة المسكينة جدة المنتهكة جدة المسلوبة جدة الغريقة يتساءل ويتساءل عن الاسباب أهي العشوائية؟ أم سوء التخطيط؟ أم البحث عن السكن ولو بعلبة من كبريت؟ أم علي بابا والاربعين حرامي؟ - اللهم لا اعتراض على قدرة الله - لقد حلت الكارثة وليس لنا عزاء إلا الصبر والاحتساب ووقع الفأس بالرأس وتلطخت وغرقت عروس السيل بالطين والوحل في ايام العيد وليس في الشعور إلا شطرا من الشعر (عيد بأي حال عدت يا عيد) أو كما قال الياس فرحات: يا عيد عدت وأدمعي منهلة والقلب بين صوارم ورماح والصدر فارقه الرجاء فقد غدا وكأنه بيت بلا مصباح يمشي الأسى في داخلي متغلغلا بين العروق كمبضع الجراح فليس للعيد لذة ولا بهجة وجدة غريقة، أبعد جدة الغريقة عندنا سرور بعيد؟ نحن بالحزن أخلق “من كان بالأمس يشاهد عروس البحر جدة التي انبهر بها الملايين وتغنى بها الشعراء ذوي الشعور المرهف وهي تتبهرج في حلتها المزيفة لا يصدق ما اصبحت عليه جدة الغريقة ويتساءل أجدة في البحر أم البحر في جدة؟ في اليوم الثامن من ذي الحجة عندما خلعت تلك العروس حلتها عن جسدها المتهالك لتكشف للفقير المبهور، والغني المسؤول وها هي اليوم تفور، وقد فار التنور، عن كل ما تخبئه تحت ردائها المبتور، وما سطرته السطور، من قرارات عبر الدهور، دون حياء أو شعور، عن شوارعها في بطون الأودية وممرات السيول، فهل تكتب بقلم مشلول؟ أم نفتح جرح جدة المكلوم، وقلبها المشطور بكل بساطة وعلى البلاطة لقد حان ان نقول انتهكت وسلبت وأغتليت جدة بأيدي من تعاقب على أمانتها لمدة زادت عن ربع قرن وآن لهم ان يعترفوا بما وقعوا فيه من أخطاء دون تصريحات واقنعة مزيفة بدعوى العشوائية، فما وقعت فيه عروس السيل العارم الا نتيجة لجهل او تجاهل من القائمين على أمانة جدة بعظم المصاب في مثل ما حدث من كارثة وفاجعة، ظنا منهم ان الامور ستمضي كما مضت فيما مضى، وليس لنا عزاء الا دمع مدرار يطلبون بذلك الحياة لأنفسهم ونطلب الإباء والشرف وكلمة حق ننال بها ثواب الخالق ككلمة أمير منطقة مكةالمكرمة - حفظه الله ورعاه - بأنه يجب محاسبة كل من كان متسببا في تلك الكارثة. لا اريد ان أجحف في حق القائمين على امانة جدة، فبعد ان صرح امير منطقة مكةالمكرمة خالد الفيصل - حفظه الله ورعاه - وفي الصباح الباكر من يوم الثلاثاء بدأت امانة جدة مشكورة بإيقاظ ضميرها النائم بعد الكارثة التي وقعت فقد تفاجأنا - نحن - سكان حي الصفا 6 بالعدة والعتاد لإعادة سفلتة احد الشوارع المتهالك منذ سنتين بسبب الحفريات ومياه الصرف الصحي، والذي تم تبليغ الأمانة عنه اكثر من مرة ولا حياة لمن تنادي فكم كارثة ستحتاجها عروس السيل جدة حتى تصحح أوضاعها، لا أعلم ما الذي اوقظ ضمائرهم الغائبة؟ ربما هي ردة فعل لقرار خادم الحرمين الشريفين اطال الله في عمره بتشكيل لجنة لتقصي حقائق الكارثة والضرب بيد من حديد على المقصرين، ومن هذا المنطلق نقول سلمت أبا متعب رمزا يحق الحق ويدحر الظالمين، فان حلمت ما هو إلا لحكمتك وحنكتك، وان عتبت ما هو إلا عتب الأب الحاني على ابنائه ونقول: لعل عتبك أبا متعب محمود العواقب ولسان الحال يردد ما قاله المتنبي: لعل عتبك محمود عواقبه فربما صحت الأجسام بالعلل.