عندما كنت في الصف الثاني متوسط كان يبكيني مقطع من أغنية خليجية يهمس مغنيها بصوته الشجي.. الحزين .. قائلاً «خذ يا بحر كل ما تبي .. خذ اللولو والثوب الحرير .. بس يرجع لي المحبوب طول بالسفر!» . وكنت أتمزق وأبكي رغم أنه ليس لدي محبوب ولم أفقد أحداً من أسرتي ولله الحمد ولكني أحسست منها بعمق ألم من يفقد حبيباً وأن كنوز الدنيا بأكملها لا تضاهي لحظة وجوده .. ولا تساوي لحظة لفقده !! ولا أعلم لماذا تذكرتها اليوم مع أحداث جدة وفقد الأحباء الذين تعادل لحظات ودقائق غيابهم دهراً من الزمن!!لذا لم أجد غريباً على «أبينا».. خادم الحرمين الشريفين..ذلك القلب الحاني الكبير.. والذي يضم رعاياه بين حنايا وجنبات نفسه ..وجوانح أحاسيسه ومشاعره ..التي تفيض بالحب والعطاء وتنبض بالدفء والإنسانية والوفاء.. وتخفق بالحنو والرحمة أن يشعر بمصاب فقد الأحبة ويأمر جزاه الله خيرا مشكوراً بتعويض كل أسرة منكوبة بفقد حبيب أو ممتلكات بمليون ريال ولم يكتف لإنسانيته ونبل مشاعره بمبلغ أقل من ذلك كبضعة آلاف أو مئات ألوف من الريالات بل أغدق على أبنائه كرمه وتدفق عطاؤه وحبه وأضاء شموعاً في قلوب هذه الأسر المكلومة بشفافيته وإحساسه بهم وعمل على تضميد جراحهم ببلسم حبه الكبير لهم ، بالإضافة إلى أمره بتشكيل لجنة وزارية للتحقيق ومحاسبة المقصرين المتسببين في حدوث هذه الكارثة مهما كانوا ! ، باذلاً أقصى ما يستطيع من جهد حفظه الله لنا وأطال في عمره، هذا الحبيب الأب..الحاني القلب!! والذي بحبه وعطائه يصبرنا على مصابنا لعظم أجر الصابرين، قال تعالى: «واللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ». وقال عز وجل : «وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ» . وقد أوضح تعالى فوزهم بالجنة ونجاتهم من النار فقال عز وجل: «إنِّي جَزَيْتُهُمُ اليَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الفَائِزُونَ» .