ليس من منطلق نظرية المؤامرة القول بأن صنّاع الأسلحة في الدول الغربية الكبرى، يحتاجون للحروب حتى تزدهر تجارتهم وتتقدم صناعاتهم، وحتى يتمكنوا من إنفاق البلايين، على أبحاثهم ومشاريع وتجارب تطوير شتى أسلحة الموت والدمار، في البر والبحر والجو. وإذا كان من التجاوز القول، بأن الدول المصنعة للسلاح تفتعل الحروب وتهييء لاندلاعها، فإن من الإنصاف القول بأن ازدهار هذه الصناعة وحاجتها للحروب، تظل كامنة في عقول الساسة أو الحكومات، التي تتخذ قرارات إعلان الحرب، وأن ضغوط هذه الشركات الصانعة ونفوذها يصعب إنكاره، خاصة وأن الحروب هذه الأيام تمثل ميدان تجارب أساسية، لاختبار وتطوير الأسلحة والذخائر على مختلف أنواعها، كما يحدث الآن في فلسطينالمحتلة والعراق وأفغانستان، دون حساب أو عقاب. * * * في آخر تقرير للكونغرس الأمريكي، كشف التقرير أن الولاياتالمتحدة حافظت العام الماضي، على مركزها الأول في السوق العالمي لتجارة الأسلحة، بحصولها على 42% من هذا السوق، إذ أن حربي العراق وأفغانستان أدتا الى حمى تسلّح في الدول المجاورة لهذين البلدين، وأوضحت دائرة التحقيقات في الكونغرس في تقريرها السنوي، حول مبيعات السلاح في العالم، أن حجم السوق العالمي لتجارة السلاح، تقلص بالمقابل بنسبة 13%، موضحة أن هذا الانخفاض تم على حساب العديد من الدول المصدرة للسلاح أبرزها فرنسا، وكشف التقرير أن مبيعات الولاياتالمتحدة من الأسلحة بلغت 16.9 مليار دولار في العام 2006، أي ما نسبته 41.9% من حجم السوق العالمي، وأضاف أن هذا الرقم يمثل ارتفاعا بقيمة 3.4 مليار دولار عن عام 2005. وأوضح التقرير أن روسيا التي ارتفعت مبيعاتها خلال الفترة ذاتها بقيمة 1.2 مليار دولار، حلت في المركز الثاني عالميا في 2006، حيث بلغ إجمالي مبيعاتها من السلاح 8.7 مليار دولار، أي ما نسبته 21.6% من حجم السوق العالمي. أما بريطانيا فحلت بحسب التقرير في المركز الثالث، على الرغم من أن مبيعاتها لم ترتفع في عام 2006 أكثر من مائتي مليون دولار، مقارنة مع عام 2005، ولم تتجاوز قيمة إجمالي صفقات السلاح التي وقعتها 3.1 مليار دولار، وأضاف التقرير أن قيمة مبيعات السلاح في العالم بلغت في عام 2006 مامجموعه 40.3 مليار دولار، مقابل 46.3 مليار دولار في عام 2005، مما يعني تراجعا بنسبة 13%، ومن أبرز الدول المتأثرة بهذا التراجع فرنسا وبريطانيا والمانيا وإيطاليا، التي هبطت مبيعاتها من السلاح للدول النامية بنسبة النصف، بحيث تراجع إجمالي هذه المبيعات من 10.9 مليار دولار في عام 2005، الى 5.5 مليار دولار في عام 2006.