قال معالي وزير العدل الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى إن المتأمل في مضامين الأمر الملكي الكريم الذي حسم -بحمد الله- التداعيات المؤلمة الناتجة عن هطول الأمطار على محافظة جدة، يستقرئ في دلالاته معاني كبيرة تُجسد حجم المسؤولية التي يستشعرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- تجاه وطنه ومواطنيه وكل مقيم على أرض المملكة، حاملة في طياتها منهج قائد، وشجاعة ملك صاحب قرار، اضطلع بكل مقدرة وكفاءة بما يجب عليه تجاه مهامه القيادية، تجلى ذلك في قوة الأمر الكريم ومنطوقه الحاسم، بقرار مشمول بسياق ضافٍ يسجله التاريخ، لا يصدر إلاّ عن مَن صدق مع ربه جل وعلا، ثم مع نفسه، وكل مَن ولاه الله أمرهم، معقبًا في ذات الوقت على مساءلة كل من عهد إليهم ببعض الصلاحيات الفنية والإشرافية بحكم مواقعهم التنفيذية. وبين معاليه أن الأمر الكريم وضع الأمور في نصابها الصحيح، وطمأن الجميع إلى أن كل نفس قضت في هذا الحادث الأليم هي في وجدان خادم الحرمين الشريفين، عطاء مجزيًا، وتعقبًا صارمًا، فالعطاء ضاعف الدية إلى عشرة أضعاف، والتعقب وما يتلوه من سؤال وجزاء حفل به منطوق الأمر الكريم، في مبادرة سريعة لتحمل تبعة المسؤولية التقصيرية، ومساءلة كل مخطئ ومقصر، وإعطاء رسالة ذات دلالة واضحة لكل مسؤول في الدولة بأن الأمانة كبيرة، والمسؤولية جسيمة، ولا تهاون في الحساب. وقال معاليه: لا شك أن المواقف تكشف عن معدن القادة، وتعطي التاريخ من حسن تدبيرهم لسياسة الحكم فصولاً لا تُنسى، لا سيما حينما يضطلعون بمهام القيادة ويكونون على مستوى التعامل مع الأحداث في ساعة الحسم). وأضاف معاليه: لقد شفى خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- ما في النفوس من لوعة، وكفكف الدمعة، وعزم بكل قوة على متابعة خلفيات الموضوع، لمنع تكرار أمثال هذه الفاجعة، فالمصائب بغتات، وليس في الشر أسوة، ولا في الخطأ قدوة، ولا دليل أهدى من التوفيق، وقد أبرأ خادم الحرمين الشريفين بهذا الإجراء الحاسم ذمته، ودلل بالمقاييس القيادية أن عزائم الأمور في خيارها، وأن للمسؤوليات تبعات تتقى عواقبها، ترجم ذلك ما ورد في الأمر الكريم من تمكين لجنة التحقيق وتقصي الحقائق من استدعاء أي شخص أو مسؤول -كائنًا مَن كان- بطلب إفادته أو مساءلته عند الاقتضاء، وتوجيهها بالجد والمثابرة في عملها، بما تبرأ به الذمة أمام الله عز وجل، وأن الأمر من ذمة خادم الحرمين الشريفين إلى ذمة اللجنة، وتذكيرها باستشعار عظم المسؤولية، وجسامة الخطب، سائلاً الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، ويبقيه ذخرًا للبلاد والعباد، في عمر مديد، وعمل صالح متقبل مبرور.