شهدت مدينة جدة تواجد سبعة أمناء لها منذ عام 1401 ه عندما تولى الأمانة المهندس محمد سعيد حسن فارسي (الذي كان رئيسًا للبلدية منذ عام 1392 ه) وحتى اليوم التي يترأس الأمانة فيه المهندس عادل فقيه، غير أن أمينين اثنين لم تتعدَّ خدمتهم أكثر من عام، الأول هو الأستاذ محمد على قطان الذي تولى مهام الأمانة خلفا لمحمد سعيد فارسي في عام 1407 ه، والثاني هو الدكتور عبد الفتاح بن أحمد فؤاد عبد الفتاح الذي تسلم الأمانة بتكليف لمدة ثمانية شهر فقط في عام 1421 ه. وخلال هذه المسيرة الطويلة شهدت مدينة جدة العديد من الانجازات على أصعدة مختلفة وان كانت قد طالتها انتقادات لاذعة ومستمرة بسبب تردى البنية التحتية للمدينة وخاصة عدم وجود شبكات مناسبة لتصريف مياه الأمطار والسيول. وكان كل من الأمناء السابقين يتعهد بأن من أولى مسؤولياته إنهاء مشروع الصرف الصحي وتصريف مياه السيول. وقد عادت مشكلة تصريف مياه الأمطار والصرف الصحي إلى الواجهة مجددا بعدما تسببت أزمة السيول التي هطلت على جدة يوم الأربعاء الماضي في إحداث خسائر في الأرواح والممتلكات بشكل فاق التوقع. فآخر الإحصائيات المتوافرة تشير إلى سقوط أكثر من مائة قتيل بسبب هذه السيول فيما بلغ عدد حالات البلاغات عن المفقودين 8 حالات، وعدد الأسر التي تم إيواؤها 204 أسر بإجمالي 1360 شخصاً. وعلى الرغم من وجود حوالى 17 لجنة تم تشكيلها بأعمالها في الحصر والرصد وتسهيل الإجراءات من خلال مواقع في عدد من الأحياء المنكوبة، إلا أن الانتقادات لا زالت قائمة حول الكثير من المشروعات في جدة وجدواها ودقة تنفيذها والأموال الطائلة التي صرفت عليها. ومن الصعب التعرف بدقة على مشكلة تصريف المياه وملاءمة البنية التحتية في جدة دون استرجاع الخلفيات التاريخية التي أدت إلى وصول الحال إلى ما هو عليه الآن. والمسؤولية بهذا المنطق تكون تراكمية بحيث وقف الروتين والتأخير حجرًا عاثرًا في تنفيذ بعض المشروعات فضلا عن عدم الاكتراث في الكثير من الفترات بأهمية تصريف المياه والسيول في جدة باعتبار أن كمية الأمطار التي تسقط عليها غالبا ما تكون خفيفة ولا تصل أبدا إلى ذلك المعدل العالي الذي وصلت إليه في الكارثة الأخيرة وهو 90 ملم.