مآسٍ ومشاهد بطعم الفاجعة، خلّفها “سيل الأربعاء” بجدة نهاية الاسبوع المنصرم، قصص مأساوية رصدتها “المدينة” لحظة وجودها بالموقع لحظة بدء سيل وادي قوس ووادي مريخ شرق جدة.. البدايات.. كانت سماء ملبدة بالغيوم في الساعة السابعة صباحًا، وفي الساعة الثامنة بدأ الرعد يدوي مصحوبًا بأمطار غزيرة، وفي الساعة العاشرة ازدادت غزارة الأمطار، وفي الساعة الثانية عشرة ظهرًا بدأ سيل وادي قوس ووادي مريخ ينحدران من حي الصواعد المحاذي لحي قويزة شرق الخط السريع، كان السيل يجرف كل ما يعترض طريقه بقوة، ومن ذلك سيارات بداخلها اطفال ونساء ورجال إلى أن وصل إلى الخط السريع منحدرًا أسفل جسر الجامعة، جارفًا معه عشرات السيارات بركابها، وهناك تبدت أبشع فصول المأساة: * أب يفقد طفله ويبكي ويصرخ في زوجته وأطفاله الباقين بالابتعاد لإنقاذ أنفسهم، ولكن الأم ترفض الذهاب وتفضل الموت بجانب طفلها والأب يركض للنجاة بأطفاله الآخرين.. * ومواطن يصاب بتشنج ويلفظ أنفاسه الأخيرة في مكانه.. وشاب يقفز من سيارته ويداهمه السيل ويجرفه بعيدًا ليلقى حتفه وهو يصارع الأمواج. * وشاب يصرخ ويبكي لفقدان صديقه الذي كان معه في نفس السيارة، وآخر يمسك بيد أخته وهو وسط لجة السيل يستغيث لانقاذهما بعد أن قفزا من السيارة التي جرفها السيل بعيدًا. * وقمة هرم المأساة فقدان المواطن عبدالله السلمي ستة من أفراد عائلته جراء دهم السيول الدور الأرضي من منزله بحي قويزة، متسببًا في وفاة زوجته وثلاثة من أبنائه وشقيقتيه فيما لم يعثر على طفلته الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها السنتين وأصبحت في عداد المفقودين. بعد ان تعقد الوضع، هرع الكثيرون ممّن كانوا محاصرين بالسيول الى الفنادق والشقق المفروشة المجاورة، الا ان اغلبها أغلقت أبوابها ومنعتهم من الدخول او الصعود الى سطوحها، أصبح الناس منقطعين في الموقع في انتظار الفرج والمياه تحيط بهم من كل جانب، وفي الساعة الواحدة ظهرًا وصلت ثلاث طائرات إنقاذ تابعة للدفاع المدني، الا انها كانت اقل من أن تحمل الجميع. وزاد الموقف تعقيدًا بمداهمة السيول للمحلات التجارية بالموقع وجرف ما بداخلها من بضائع التي طفت على سطح المياه وأصبحت المنطقة الواقعة حول المساعد مقطوعة تمامًا لا يمكن الدخول اليها او الخروج منها بالارجل أو السيارات، وفي ظل انعدام المواد التموينية مع اغلاق وتلف بضائع المحلات التجارية، اصبح الحصول على الماء والخبز من الصعوبة بمكان ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي. وقال المواطن عثمان الجهني أنه اضطر الى الشراء من احد العمال الوافدين جالون ماء ب50 ريالاً، فيما بين عبدالرحمن عبدالعزيز أنه اشترى خبزًا ب 40 ريالاً لم يكفي عائلته لوجبة واحدة.