قال الدكتور حسن النعمي استاذ اللغة والادب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة "إن من الضروري العودة إلى أصل العلاقة بين الرواية والسينما، فالرواية هي فن التجريد لأنها مجردة من الصورة الحية التي يتخيلها القارئ، أما السينما، فهي صورة مجسدة تنتقل إلى المشاهد مباشرة، لتبدأ بعد ذلك عملية التأويل". وأضاف: "عاشت الأفلام على الروايات ونقلتها إلى الشاشة، كما أن الروائيين أدركوا جمال تقنيات السينما واستثمروها بطريقة ما في النص الروائي، خصوصاً ال"فلاش باك"، وبالتالي أصبحنا نجد روائيين يكتبون أعمالاً جاهزة للسينما، وهنا تكمن طبيعة العلاقة التبادلية بينهما، وكلاهما استفاد من الآخر". وتحدث الدكتور حسن النعمي خلال مشاركته في الندوة الثقافية التي نظمها معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته ال 40 وكانت بعنوان "نكتب للشاشة" ومشاركة الروائي غابي مارتينيز حدثا خلالها عن أسباب تحوّل الروائي إلى الكتابة للشاشة، وما إذا كانت تحقق كاتبة السيناريو أهدافه الشخصية في الانتشار والربح المادي، وهل تحرم الكتابة للشاشة المؤلفين من نشر كتب أدبية خالصة تستهدف القارئ ولا تستهدف المشاهد. وتابع الدكتور النعمي يقول : "ثمة جزئية أخرى في هذا السياق، وهي أن الروائي قد يطمح للظهور في السينما لأسباب عديدة، مثل الشهرة، المال، والوصول إلى المتلقي بسرعة أكبر، ولكن النص الروائي بكل تأكيد سيواجه تعديلات كثيرة ليتناسب مع العمل السينمائي، وبعض الكتاب يتركون للمنتجين حرية التصرف في نصوصهم، في حين يرفض آخرون رفضاً قاطعاً المساس بها، ولا شك في أن من الممكن أن تكون العلاقة حرة بين السيناريو والرواية، بحيث تكون الأخيرة مرجعاً للنص السينمائي عند الضرورة، حيث لا يمكن نقل النص الروائي حرفياً إلى العمل السينمائي أو التلفزيوني، ولا بد من التدخل فيه بما يخدم العمل". أما غابي مارتينيز، فيرى أن المنتجين عندما اتجهوا للاستثمار في السينما والتلفزيون، كانوا يعون تماماً حجم المخاطر التي تحيق بهذه المهنة، وأنهم مطالبون في مرحلة ما باستعادة الأموال التي صرفوها، وعليه خصصوا كل إمكانياتهم للاستثمار الناجح في هذه الصناعة، وأدركوا أن شرح قصة ما بطريقة مناسبة من شأنه الترويج للأفكار الواردة فيها بالطريقة المثلى، ومن هنا تكمن حساسية العلاقة بين النص الروائي والعمل السينمائي، وقد عانى الكثير من الكتاب في بدايات تشكل ملامح هذه العلاقة، إلا أنها في أصبحت فكرة رائجة فيما بعد. وأشار إلى أن الروائي سيبقى روائياً في نهاية المطاف، وقال: "نحن ننطلق من الواقع قبل أن نفعل أي شيء، فأنا على سبيل المثال لم أكن أتخيل أنني سأكتب السيناريو يوماً، ولكن الصدفة قادتني إلى التعاون في هذا المجال، وعندها أدركت أن هناك بعض التباينات في آليات العمل على الطرفين، فالسيناريو عمل جماعي غالباً، ويتطلب ذهنية مختلفة وملامح محددة، أما في حالة الرواية، فإن العالم بأكمله يدور في رؤوسنا، وعندما نبني العمل السينمائي على النص الروائي، فإن علينا أن نضع في الاعتبار العديد من العناصر، مثل الموسيقى والمؤثرات وغيرها". ولفت إلى أن الروائي الذي يتجه إلى الكتابة للشاشة، عليه أن يقبل بشروط اللعبة الجديدة، أي ألا يعترض على التعديلات التي ستطرأ على عمله الروائي لكي يتناسب مع العمل السينمائي، لأن هذا التغيير أمر حتمي، ولكن في المحصلة الكاتب مسؤول عما كتبه في النص الروائي، ولا علاقة له بما يعرض على الشاشة، ولكن مهما كانت هناك اختلافات بين النص الروائي والعمل السينمائي، فإنهما يكملان بعضهما البعض.