منذ العصور القديمة والدولة الفارسية «آريا» تحاول مد نفوذها والسيطرة على الجزيرة العربية، من جهة الشمال الغربي والجنوب والشرق، وهذا النفوذ كان مقتصرًا على هذه الأجزاء، وعلى عقد المعاهدات مع رؤساء القبائل، ولم يتغلغل إلى جميع أجزاء الجزيرة العربية؛ إذ لم تحكم سيطرتها التامة على المنطقة. إن التدخل الفارسي في دول الشرق الأوسط لم يكن وليد اليوم، وما نشهده في الوقت الحاضر من التدخل الإيراني في العراق، وسوريا، ولبنان «حزب الله»، وفلسطين «حماس»، واليمن «الحوثيين»، إنما هو امتداد لمحاولات سابقة باءت بالفشل، فقد سيطر الفرس الساسانيون على جنوب شبه الجزيرة، بعد ما طلب سيف بن ذي يزن من كسرى أنو شروان مساعدته على التخلص من السيطرة الحبشية - الرومانية؛ حيث أرسل معه من في السجون من السياسيين والمحكوم عليهم بالإعدام بقيادة «وهرز»، فإن انتصروا سيطر الفرس على المنطقة، وإن قتلوا هذا مصيرهم.. ونجد في الحوثي نموذجاً مشابهاً للجيش الفارسي المحكوم عليه بالإعدام، فالحوثيون يقاتلون بدون هدف واضح، ويدمرون أراضيهم؛ لتحقيق أهداف الدولة الآرية التي لا تواجه، ولا ترغب بالدخول في صراع قد تخسر الكثير من خلاله، بل تستغل الدول الأخرى للوصول إلى مآربها. والشيء بالشيء يذكر، فما يقوم به الحوثي اليوم مماثلٌ لما قامت به «دولة المناذرة 300 - 628م» على حدود بلاد الرافدين من قبل، عندما عملوا مع الفرس على حماية المناطق التابعة لهم من هجمات بدو الصحراء والإمبراطورية الرومانية.. وفي موقعة ذي قار القرن 6م، كان أغلب الجيش الفارسي المهزوم يتكون من العرب الموالين لهم، وهذه المعركة أوقفت الزحف الفارسي على الجزيرة، كما أوقفت عاصفة الحزم 2015م، الامتداد الإيراني في المنطقة.. إن بلاد فارس على امتداد تاريخها واختلاف عصورها وسلالتها وحكامها، لم تقم بإرسال جيش فارسي للجزيرة، وإنما كانت تستعين بالعرب الموالين لها بغاية الوصول لمكاسبها السياسية والاقتصادية، على أساس اتخاذ الدين وسيلة لذلك، فقد حاول الفرس نشر الزندقة في بلاد العرب، ومن العرب من اعتنق المجوسية، كما حاولوا السيطرة على طريق الحرير المؤدي إلى مكة. إذن، لماذا تلجأ فارس للدسائس وإثارة الفتن وزعزعة الأمن بدلاً من المواجهة؟