آسف! لا أفهم هذا الشخص مطلقًا.. كل يومٍ هو في حال.. لا.. لا.. بل كل يومٍ هو في حالٍ غير الحال! هل سمعت أحدهم ممن يمتازون بالهدوء يتمتم غاضبًا في محيط العمل.. هل قابلت شخصًا مختلفًا في دائرة الزملاء إلى الحد الذي استثار حنقك دائمًا؟ هل تملكت أحدنا الحيرة من غرابة وتقلبات مزاج أو تصرفات شخص ممن نقابلهم بشكل يومي؟! نعم.. توجد هكذا شخصيات ذات تقلبات مزاجية قوية حيث ينتقل مزاج الشخص من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال بسرعة غريبة.. لماذا وكيف؟ من المحتمل أن يكون هذا الشخص ضحية فقد يتعرض الطفل لحالات من التعنيف والخذلان العاطفي مما يؤثر على بناء شخصيته ككل ويدمر استقراره النفسي وقد يكون ممن يحمل جينات وراثية معتلة.. هذا النوع من الخلل النفسي ينتج أنماطًا غير صحية في تفاعلات الإنسان وعلاقاته في المجتمع.. الشخص هنا مصاب باضطراب الشخصية الحدية. في هذا المنعطف ولسوء الحظ.. يعاني المصاب من انتقال مشاعره من الفرح الغامر إلى الحزن الشديد بسرعة قوية.. ومن النهم في الطعام إلى العزوف التام.. أي التحول من اللون الأبيض إلى اللون الأسود بشكل خاطف ودون المرور بتدرجات الأطياف وكل ذلك يتم باندفاعية متهورة.. الأمر الخطير هنا هو أن أفكاره قد توصله إلى تعاطي المخدرات والاكتئاب والتفكير في الانتحار. في عالم الأدب والفن السابع يرى الدارسون لبناء الشخصيات أن الرواية الشهيرة للمؤلف الروسي ليو تولوستوي (آنا كارنينا) والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي قد جسدت التركيبة النفسية لاضطراب الشخصية الحدية بشكل درامي. ختامًا وتوكيدًا.. الإنسان منظومة معقدة لم تفك شيفراتها بعد.. وفي وجدان كل منا تركيبة عاطفية تخالجها المشاعر والأحاسيس وتخيفها تحديات الحياة والمفاجآت وتحكمها التجارب والذكريات.. فالدعم العاطفي والإرشاد النفسي ضرورة.. إذن نعم وبلى.. ليس من المعيب أبدًا أن نضعف أو يضعف أحدهم.. كل ما هنالك أنه إذا وصل الأمر إلى حدود السوداوية والميول الانتحارية.. فإنه من حق الإنسانية علينا أن نطلب المساعدة فورًا!