إحصاءات صادمة للاكتئاب الذي يتبعه انتحار الدكتورة لمياء البراهيم، استشاري طب الأسرة، تقول: يُعتبر الاكتئاب من بين أكبر المخاطر التي يتعرض لها المراهقون، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الانتحار شكَّل السبب الثاني لوفاة فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 سنة، وثالث سبب لوفيات الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و19 عامًا خاصة في البلدان المنخفضة أو المتوسطة الدخل التي لها نصيب 75% من مجمل عمليات الانتحار المشار إليها في فئة الشباب. وتؤكد «البراهيم» على أهمية تخصص طب المراهقة ADOLESCENT MEDICINE للعناية بصحة المراهق العضوية والنفسية والسلوكية، ولعل فتح باب الابتعاث لدراسته في الخارج، وإنشاء مراكز محلية تدريبية أحد الحلول لتنشئة جيل صحي عقلياً ونفسياً وعضوياً يتفق مع هدفي رؤية 2030 وهو إيجاد مجتمع حيوي وتحقيق جودة الحياة مشيرةً إلى الدور الذي يجب أن تنهض به وزارة التعليم لتعزيز صحة المراهق وتوعية الكوادر التعليمية بالمشكلات النفسية عند المراهقين فالوقاية دائماً خير من العلاج. لم تغفل الدولة الاهتمام بالمرضى النفسيين، وسنت من التشريعات ما يحفظ لهم حقوقهم وتعزيز الرعاية الصحية النفسية لهم وحفظ كرامتهم وأسرهم أمام المجتمع الذي يعيشون فيه، وعدم الإساءة إليهم أو إقحامهم في نطاق المجانين، فقد صدر نظام الرعاية الصحية النفسية بمرسوم ملكي رقم ( م/56 ) بتاريخ 20 / 9 / 1435 بهدف تنظيم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى النفسيين ووضع آلية معاملتهم وعلاجهم في المنشآت العلاجية النفسية. وبالرغم من كل ذلك، فلا تزال ثقافة العلاج لهذه الفئة تواجه بما يعرف ب»العيب»، على الاعتبار -الخاطئ- أن كل مريض نفسي هو مجنون!! في هذا التحقيق نستعرض مع الخبراء والمختصين حقوق المريض النفسي ودور الأسرة والمجتمع في تعزيز الصحة النفسية له، وقد أجمع هؤلاء على تطبيق المقولة الشائعة: «درهم وقاية خير من قنطار علاج»، داعين إلى ضرورة الاهتمام بالمريض النفسي والعناية به وإعطائه حقه الذي سنته الدولة له في العلاج والرعاية. «الأسرة» مسؤولة عن تعزيز الصحة النفسية لأبنائها تعطيل الوظيفة الاجتماعية.. والتدخل المبكر الدكتور عبدالعزيز بن صالح المطوع، أستاذ العلاج والإرشاد النفسي، يشير إلى أبرز الأعراض التي إذا لاحظتها الأسرة وجب عليها عرض ابنها على المختص لافتًا إلى ما يسمى ب»تعطيل الوظيفة الاجتماعية للمريض» ، فلا يستطيع التواصل معهم كالجلوس لوحده في غرفته وعزوفه عن المشاركة في الأنشطة الأسرية والاجتماعية أو التذبذب بين الانطواء والنشاط الزائد والاندفاعية وأيضًا إهماله لمظهره ونظافته والشكوى من سماع بعض الأصوات أو الأفكار التي تجبره على فعل أشياء كالانتحار أو السرقة. ويؤكد المطوع على ضرورة عدم تهاون الأسرة بتلك الأعراض و أن تعي أهمية التدخل المبكر ودوره المؤثر في العلاج كما أن لكل داء دواء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن المخاطر تأتي بسبب التقاعس والتسويف أو التبرير بأن هذا السلوك أحد مطالب النمو في هذه المرحلة ؟! وخاصة حينما يستشيرون المتطفلين على التخصص. ويشير المطوع إلى أن التاريخ المرضي للأسرة من أهم الأسباب التي تستدعي زيارة المختص بحيث يتوجب الانتباه لذلك مهيباً بالأسرة التي تلاحظ أي من أعراض اضطراب الشخصية سرعة التوجه لطلب المساعدة من الأشخاص المرخصين أو المراكز الموثوق بها كالمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية التابع لوزارة الصحة وبعد تلقي الخدمة يأتي دور الأسرة الداعم الأمثل لتعزيز صحته النفسية محذرًا من نبذه أو التشهير به بين إخوته أوأقرانه وحسن معاملته وهو الدور الأهم بمرحلة التعافي 5اضطرابات نفسية الأكثر شيوعاً الدكتورة ياسمين التويجري، أستاذ زائر بجامعة هارفارد، تقول: بحسب منظمة الصحة العالمية فإن اضطرابات القلق والاكتئاب هي أكثر أمراض الصحة النفسية انتشاراً في جميع انحاء العالم وبما أننا في السعودية جزء من هذا العالم ونمر بنفس التغيرات والتطورات التي تؤثر في حياتنا حيث قمنا بعمل أول مسح وطني للصحة النفسية وضغوط الحياة في مختلف مناطق المملكة وأظهرت نتائج المسح أن ترتيب انتشار الاضطرابات النفسية كمجموعات كالتالي: . مجموعة اضطرابات القلق الأكثر شيوعاً حيث وصلت نسبة من أصيب بأحدها 23.2٪، وهو ما يمثل حوالى ثلثي جميع الذين أصيبوا بأي اضطراب نفسي. . مجموعة اضطرابات السلوك التخريبي فقد بلغت نسبة انتشارها 11.2٪، أي ثلث جميع الذين أصيبوا بأي اضطراب نفسي. . مجموعة اضطرابات المزاج 9.3 . مجموعة اضطرابات الأكل فقد كانت (6.1٪) . مجموعة اضطرابات تعاطي المخدرات 4% وهي الأقل شيوعاً. 12 % يعانون من قلق الانفصام تؤكد التويجري أن أكثر الاضطرابات النفسية الفردية شيوعاً هي: قلق الانفصال 11.9% واضطراب نقص الانتباه (فرط النشاط ) 8٪ واضطراب الاكتئاب الحاد 6% والرهاب الاجتماعي 5.6٪ كما تؤكد أن المسح كشف أن الذين تعرضوا خلال حياتهم أو في نفس الوقت لاضطرابين على الأقل كانت نسبتهم 15% ومن تعرضوا لثلاثة اضطرابات نفسية كانت نسبتهم على الأقل كانت 7.5% أما من تعرضوا لأربعة اضطرابات نفسية على الأقل كانت 3.9%. النساء والمراهقون والمطلقون الأكثر عرضة للمرض أنماط المرض النفسي المنتشرة بالمملكة الدكتور إبراهيم سالم الصيخان، مدير مركز للإرشاد الأسري بالخبر، يؤكد أن السلوكيات غير الطبيعية والتي لا تتناسب مع المواقف الحياتية اليومية سواء مع الذات أو الآخرين وضعف الاتزان الانفعالي هي كلها مؤشرات واضحة يمكن للأسرة ملاحظتها، مشيرًا إلى أن أبرز أنماط المرض النفسي المنتشرة في المملكة هي: الضغوط النفسية والفصام واضطراب ثنائي القطب والنوم القهري والاكتئاب والأرق واضطراب الوسواس القهري مضيفًا أن أكثر الأمراض التي تصيب كبار السن فقد الذاكرة (الزهايمر) والاكتئاب وقلق الموت والانتحار، الوسواس القهري، وثنائي القطب وبخصوص الشباب والمراهقين فهناك بعض الاضطرابات التي تبرز في هذه المرحلة العمرية ومنها اضطراب القلق المعمم، الفِصَام العقلي، اضطراب التّكيف، اضطرابات الأكل، تعاطي المخدرات واضطراب استخدام المادة. أعراض تستلزم زيارة طبيب مختص أوضح الدكتور الصيخان أن أبرز أعراض المرض النفسي التي يلزم معها زيارة طبيب مختص هي التوتر الشديد والعصبية المستمرة والانعزال عن الآخرين وإهمال النظافة الشخصية واضطراب العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، والأرق وقلة النوم والابتعاد عن الأنشطة الجماعية والاجتماعية، شحوبة الوجه والتفكير المشوش، الحزن المستمر وضعف القدرة على التركيز، وضعف التركيز، والمخاوف الشديدة والشعور بالذنب. ويؤكد الصيخان أن العلاج لأي حالة مرضية نفسية تقوم على أساس تشخيص فريق عمل يشارك فيه الاخصائي النفسي والطبيب النفسي ناصحاً الأسرة التي يعاني أحد أبنائها من أعراض المرض النفسي الاستعانة بالاخصائيين المؤهلين في المؤسسات الرسمية سواء كانت حكومية أو خاصة بعيداً عن الاجتهادات والنصائح لأصحاب الخبرة الحياتية فنحن نتحدث عن مرض وليس خبرة حياتية، مشدداً على أن حقوق المريض في المملكة محمية بأنظمة أياً كان المرض جسدياً أو نفسياً وحتى مدمني المخدرات. الإجراءات الخمسة لخطة المساعدة الأولية الدكتور يوسف السلمي، مدرب في المساعدة النفسية الأولية، يؤكد أن البيئة الاجتماعية الإيجابية لهاد دور في تعافي المريض النفسي وتجاوزه للاضطراب، وتنطلق هذه البيئة الداعمة من أسرة مستقرة وأصدقاء داعمين ومجتمع أفراده يمتلكون وعياً بأساليب تقديم المساعدة النفسية الأولية لما قبل التدخل العلاجي المتخصص، مشيراً إلى أن خطة المساعدة النفسية الأولية على خمسة إجراءات:- اقترب من الشخص وتواصل معه عند شعورك بأنه يشعر بخلل وعدم توافق نفسي واجتماعي.- اصغ إليه دون أن تصدر حكمًا لكي تقدم مساعدة نفسية لا بد أن تكون مستمعاً جيداً دون مقاطعة مع إظهار الاهتمام وعدم إصدار أحكام استباقية. - قدم الدعم والمواجدة والمعلومات الكافية حول مشكلته النفسية وأين يجد العلاج. - شجع صديقك أو قريبك ليحصل على المساعدة النفسية المتخصصة من خلال إيضاح أساليب وخيارات التدخلات النفسية المناسبة والمتاحة كالأدوية أو العلاج النفسي والدعم الاجتماعي والمهني. - شجع مصادر الدعم الأخرى في حال عدم قدرتك على الإقناع كعائلة المريض وأصدقائه ممن يثق بهم ويمتلكون الوعي الكافي بأهمية المساعدة النفسية الأولية أو مجموعات دعم في الحي أو العمل تدفعه نحو تجاوز وضعه الحالي.