بينما تنتشر "طوابير الذل" في لبنان، كما يصفها المواطنون، تتنقل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة بين كافة القطاعات من الوقود إلى الكهرباء، فالأدوية وحتى الخبز والأفران. ومن رحم هذا القهر الذي بات يعيشه اللبناني بشكل بومي، خرجت اليوم صرخة من قلب أب محروق في طرابلس. فقد تناقل اللبنانيون مقطعا مصورا لمواطن من شمال لبنان، وقف وسط الشارع وراح يصرخ بعد أن خرج عن طوره، متسائلا "أين الدولة؟". وقال الرجل بغضب ممزوج بقهر لا يوصف: "بنتي بدها دواء.. العالم تنتظر في الطوابير وتدور على الصيدليات ولا تجد دواء". كما أضاف "أملك المال ولدي وقود وسيارة، لكنني أريد دواء، من واجب الدولة أن تؤمن الأدوية". يأتي انقطاع الأدوية في البلاد، بالتزامن مع شح في مادة البنزين أيضا، وترقب لأزمة خبز في القريب العاجل كذلك، بسبب الانقطاع شبه التام للتيار الكهربائي والعجز عن إيجاد المازوت في السوق الشرعية ولو بالأسعار الجديدة. فقد أعلن نقيب أصحاب الأفران والمخابز علي إبراهيم ل "العربية/الحدث" اليوم الأحد أن اللبنانيين "مقبلون على أزمة خبز إذا لم تؤمّن مادة المازوت للأفران في مختلف المناطق مع حلول يوم غد الاثنين". ونبّه من أن سيناريو إقفال محطات بنزين بسبب نفاد المحروقات سينسحب قريباً على الأفران إذا لم تؤمّن مادة المازوت وفق السعر الرسمي أي 56 ألف ليرة للتنكة (37 دولارا وفق سعر الصرف الرسمي ونحو 3 دولارات وفق سعر السوق السوداء) وليس 81 ألفا، كما تُباع في السوق السوداء. وأصبح سعر ربطة الخبز في الأفران والمحلات 4000 ليرة (دولاران ونصف وفق السعر الرسمي وأقل من دولار في السوق السوداء) وسط توقّعات بأن يواصل سعرها الارتفاع بسبب النقص في مادة المازوت ورفع الدعم التدريجي عن أسعار السكر والدقيق. يذكر أن لبنان شهد من العام 2019 أزمة اقتصادية ومعيشية حادة لم يشهدها منذ عقود، تفاقمت مع فقدان الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، وارتفاع الأسعار بشكل كارثي، وسط انسداد سياسي، وعدم تشكيل حكومة منذ أغسطس الماضي (2020).