بدأ الإدراك بأهمية دور التقنية في كافة مناحي الحياة منذ زمن.. تنامى ذلك الدور وتضاعف معه مستوى الإدراك خلال العام 2020 مع تفشي جائحة كورونا وتوقف مظاهر الحياة الطبيعية.. مع بداية الأزمة، حدث تغير مشهود في التعاطي مع ملفات حيوية كالتعليم، التدريب، التسوق، التعاملات البنكية، المعاملات الحكومية وغيرها من القطاعات الخدمية. ولعل أهم تحول حصل في تلك الفترة ولازال قائماً حتى هذه اللحظة هو التحول في التعليم بشقيه العام والجامعي، من طريقة الحضور الى أسلوب القاء الدرس وشرح مواضيع المنهج، ومن الاختبارات التقليدية وقياس مستوى الطلبة الى كيفية التعاطي مع قضاياهم الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، تغيرات كبيرة قد تحتاج مزيداً من الجهد والوقت للدراسة والتقييم الشامل. سُلطت الأضواء تجاه التحول الرقمي بشكل أساسي، ولعلي أسهب فيه هنا من وجهة نظر التعليم العالي كواقع مُعاش وممارسات يومية. بداية، يمكن تعريف التحول الرقمي على أنه سلسلة من التحولات العميقة والمنسقة للقوى العاملة والثقافة والتقنية التي تتيح نماذج تعليمية وتشغيلية جديدة، وتحول عمليات المؤسسة والتوجهات الإستراتيجية وإعادة عرض قيمة منتجاتها. من هذا المنطلق وعلى المستوى المحلي، تمتلك السعودية بنية تحتية تقنية قوية والتي اثبتت فاعليتها بشكل ملاحظ في العام الماضي مع تحول التعليم الحضوري الى التعليم عن بُعد.. معظم الجامعات السعودية كانت أكثر جاهزية من أي قطاع آخر بحكم تبنيها لخيار التعلم الالكتروني منذ عدة سنوات والعمل على تطويره بما يحقق متطلباتها ويوسع دائرة مستفيديها. من منظور آخر، فإن على جميع الجامعات (الريادية على وجه الخصوص) تعزيز فرص استثمارها في التحول الرقمي والدفع للأمام بإستراتيجيتها الالكترونية نحو مجالات البحث والتطوير والابتكار في التقنية بما يعظم قيمتها ويزيد اسهاماتها العلمية على المستوى الإقليمي والعالمي. من تلك المجالات المحتملة والتي تلقى اهتمام في كبيرات الجامعات العالمية: انترنت الأشياء، أمن المعلومات، الواقع المعزز والواقع الافتراضي، تقنية Blockchain ، الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، روبوتات المحادثة، البيانات الضخمة. ولوج الجامعات السعودية في هذا السباق المحموم هو ضرورة وليس اختيار، فالعقول موجودة والموارد متوفرة ولله الحمد، والمطلوب الآن هو رسم التوجهات الرئيسية وإقرار الإستراتيجيات التي تراعي مصادر القوة والضعف وتستغل الفرص.