السكون والهدوء والكرم والطيبة والأخلاق ولين الطبع كل هذا يجده الزائر لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزائر لطيبة لابد أن يتملكه شعور يحسه ولا يراه، شعور بالفرح والشوق يسري بين جنبيه حين تظهر أنوار المدينةالمنورة يزيد الشوق شوقًا والحب حبًا وتتسيد الراحة النفسية والود الطاغي الذي يجده الزائر من أهل الجوار أبناء الأنصار والمهاجرين ومن جاء بهم حظهم العظيم ليكونوا من سكان المدينة من غير أهلها من أنحاء المملكة ومن خارجها، هذا النسيج المحفوظ والمحاط بالعناية صقلته المدينة بأخلاق أهلها الأوائل الذين ذهبوا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذهب الناس بالشاة والبعير وحين بشرهم بحبه لهم حين قال: «لو سلك الناس واديًا وسلك الأنصار شُعَبًا لسلكت شُعَب الأنصار».. عرفوا الإخاء الصادق والتفاني في خدمة غيرهم وإيجاد متعة في ذلك حين آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أسلافهم الأوائل وبين المهاجرين حينها تخبرنا السيرة أن الأنصار آثروا على أنفسهم حيث كان الأنصاري يخير أخيه المهاجر بأن يناصفه ماله وأرضه بل يخيره بين زوجاته ليطلق له من يرغب فيها أخوه، هذا الإخاء امتد إلى يومنا هذا فتجد أهل المدينة شيبًا وشبابًا حتى أطفالها يتفانون في خدمة زوار المسجد النبوي في رمضان وغير رمضان. كتب الله لنا هذه الزيارة المباركة ونزلنا المدينة وأبت مفكرتي إلا أن تسجل ما تراه بجانب متعة النفس بجمال المكان والزمان. وجدنا عجبًا عجابًا وخلقًا حسنًا وتعاملاً راقيًا من لدن سكان المدينة، وجدنا الاستقبال الكريم ممزوجًا بطيب خاطر وبوجه غير عبوس في الطريق وبين حارات المدينة وفي المسجد النبوي الشريف ولسان حال من قابلونا يقول نزلتم أهلًا وحللتم سهلًا يا أحباب رسول الله، خرجنا منهم بسرور وغبطة، وكانت استفساراتنا تجابه بابتسامة عريضة ورضا يدل على معدن هؤلاء النفر من أهل جوار رسول الله صلى الله عليه وسلم. صباح العيد امتلأ المسجد النبوي عند الثالثة صباحًا ورجال الأمن قابلونا بابتسامة وقد أحاطوا بالمكان لحجز المصلين من التقدم مراعاة للاحترازات وحفاظًا على المصلين فقلنا لأحدهم لماذا توقفونا هنا بدلًا من التقدم قليلًا أخبرنا أن المسجد قد أخذ سعته ويمكنكم أن تصلوا هنا واعذرونا تقديرًا لظروف كورونا وأنتم مأجورون منذ خروجكم من دياركم البعيدة مرحى بكم، وكان ردنا شكرًا لكم، وفقد وسعتنا قلوبكم..